الجمعة، 6 أبريل 2018

مسلمون جُدد

الجمعة 6 إبريل 2018م

خاطرة الجمعة /١٢٩
(مسلمون جُدد)

تركت مساحة خاطرة هذا الأسبوع كاملةً لقصة إسلامٍ عجيبةٍ، عسى أن تنفعنا أو نتخذها قدوةً ومثلاً.
أحبتي في الله .. لن أطيل عليكم، يكفيكم طول القصة ذاتها، أبطالها (مسلمون جُدد) حياتهم قبل الإسلام وبعده مليئةٌ بالدروس والعبر.
إليكموها كما وردت في العديد من مواقع الإنترنت؛ يقول راوي القصة:
كنت شاباً أجوب شوارع ميلانو {مدينةٌ إيطاليةٌ صناعيةٌ شهيرةٌ} ألبس قرطاً في أذني اليسرى وأفعل المحرمات بأشكالها وألوانها وأشرب الخمر، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي قلب حياتي رأساً على عقب؛ كنت أعمل في مصنعٍ للملابس وكان اسمي مركباً بالإيطالية يظن السامع به أنني من أصلٍ بوسنيٍ، وفي ذات مرةٍ ناداني رئيسي في العمل وهو مخمورٌ كعادته، إلا أنه في هذه المرة أخذ يسب ويشتم المسلمين وينظر إليّ يعتقد أنني مسلمٌ، وهو لا يدرك بسبب سكرته أنني مثله لا صلة لي بالبوسنيين ولا بالمسلمين ولكن كنت أسمع وأقرأ عنهم للثقافة العامة فقط، ثم قال لي: "أنتم أيها المسلمون كنتم في يومٍ من الأيام أسياد هذا العالم، أما اليوم فأنتم عبيدٌ لنا وتعملون عند أقدامنا". لا أدري ما الذي حصل لي وأنا أستمع إلى ذلك الحاقد عليّ وهو ثملٌ نجسٌ يُفرغ شحناته المريضة، لقد شعرت وكأن الدم يفور في عروقي؛ فقد كنت بطبعي عصبياً ولم أدرِ بماذا أجيب وقتها، لقد فاجأني فأحببت أن أستفزه ولم أدرِ إلا ولساني يقول له لا شعورياً: "هل تعرف محمداً؟"، قال: "ماذا تريد؟ تكلم بسرعة"، قلت: "عندما كان المسلمون متمسكون بكتاب الله ويطبقون أحكامه كانوا يسودون العالم، ولكن بعد أن تركوه ولم يطبقوا ما فيه من تعاليم ساد الفساد والانحراف العالم، والآن أنا سأخرج من مكتبك، تعرف لماذا؟"، نظر إليّ مندهشاً غاضباً وهو يقول: "لماذا؟"، قلت: "سأذهب لأشتري قرآناً مترجماً للغة الإيطالية حتى أقرأه وأطبق ما فيه وأرجع إليك فأدوسك تحت قدمي". خرجت من مكتبه وقد ألجمت المفاجأة لسانه، وطبعاً طردني من العمل، ذهبت إلى غرفة سكني المشتركة مع زملاء لي ودخلت الحمام غسلت وجهي وأنا أبكي بكاءً حارقاً مؤلماً؛ فقد كنت أعاني من قلة المال والحيلة وفقرٍ شديدٍ، خرجت من الحمام ثم سجدت منهاراً على الأرض وأنا أبكي حتى ظن من معي في الغرفة بأنني قد أُصبت بالجنون، ولم أكن أعلم حينها أن تلك كانت بداية هدايتي في رحلتي إلى الإسلام. بعد أن سجدت باكياً سرت في جسدي قشعريرةٌ وأحسست براحةٍ لم أشعر بها في حياتي، وخرجت من البيت متوجهاً إلى المركز الثقافي الإسلامي بمدينة ميلانو حيث اُستقبلت بحفاوةٍ وحبٍ، وأشهرت إسلامي فوراً، واخترت لنفسي اسم عبد الله، ثم خرجت أنا ورجلان من المركز الإسلامي وتوجهنا إلى إحدى الحدائق العامة نتبادل أطراف الحديث عن الإسلام. كان الجو غائماً شديد البرودة، وبينما نحن في الحديقة نمشي إذ دخل وقت صلاة الظهر؛ فذهبنا إلى أحد ينابيع المياه داخل تجويفٍ في أحد الأشجار وقام أحدهم بتعليمي الوضوء، وكان الماء بارداً جداً إلا أنني كنت مستمتعاً بالبرودة، وكان تحت الشجرة ذاتها اثنان من العشاق مسترخيان لما رأوا طريقة اغتسالي بالماء وغسل قدمي في ذلك الجو البارد توقفا عما كانا يفعلانه، وأذكر علامات الذهول على وجهيهما، ثم سألني الرجل بتطفلٍ خجولٍ: "ماذا تفعل؟ إن الجو بارد!"، فقلت: "هكذا يجب أن نتطهر لنتعبد ونقابل خالق الكون ونصلي له"، ثم أذَّن صاحبي المرافق لي أذان الظهر وأقمنا الصلاة في داخل الحديقة وسط ذهول الموجودين، ووالله ما إن انتهينا من الصلاة حتى كان عددنا عشرين رجلاً حيث تصادف وجود مجموعةٍ من المسلمين العرب في الحديقة نفسها، ولكن المفاجأة أنه ما إن انتهينا من الصلاة حتى وقف ضابطٌ إيطاليٌ يبدو أن عمره في الخمسينات، كان واقفاً يراقبنا بكامل زيه العسكري، ثم تقدم واقترب من الإمام الذي صلى بنا بعد انتهائنا من الصلاة، وكنت استمع جالساً للمحادثة، سأل الضابط بتعجبٍ: "ماذا تفعلون؟"، فأجاب صديقي الإمام: "نصلي لله تعالى"، قال الضابط: "وما هذا الدين؟"، قال الإمام: "الإسلام"، قال بتعجبٍ بالغٍ: "الإسلام؟! ولكن الإسلام دين سفك دماءٍ وإرهابٍ وقتلٍ"، رد الإمام بكل هدوءٍ وثباتٍ: "ليس كذلك، بل الإسلام دين محبةٍ ودين سلامٍ"، ثم استأذناه قائمين لننصرف، فقال الضابط بصوتٍ كأنه ينادينا به: "وكيف يمكن لشخصٍ أن يكون مسلماً؟"، قال الإمام ببساطةٍ: "يذهب إلى المركز الإسلامي ويعلن إسلامه"، قال الضابط: "أريد أن أدخل في هذا الدين"، قال الإمام: "لماذا؟"؛ ظنه يستهزئ فأحب أن يختبره، فقال الضابط: "نحن نُعَلِّم الطلاب الملتحقين بالجيش ست سنواتٍ كيف ينضبطون في صفٍ واحدٍ ويتحركون سوياً بإتقان، وأنتم خلال خمس ثوانٍ اصطف عشرون رجلاً لا تعرفون بعضكم، وتتبعتم إمامكم بكل دقةٍ وانضباطٍ؛ أشهد أن الذي علمكم هذا ليس بشراً بل لا بد أن يكون رب هذا الكون المستحق للعبادة". ذلك الضابط الآن اسمه عبدالرحمن أسلم وحَسُن إسلامه، وهو في مترو الأنفاق، لقد تقاعد من الجيش واستلم مستحقاته ومن بينها بطاقةٌ مجانيةٌ للمواصلات؛ يدخل المترو المكتظ بالناس من الصباح إلى المساء وقد أطلق لحيته البيضاء واستدار وجهه كأنه البدر ثم يقول للجالسين بالقطار وباللغة العربية: "أشهد أن الله حقٌ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم حقٌ، وأن الجنة حقٌ، وأن النار حقٌ، وأن يوم القيامة حقٌ" ثم يسرد المواعظ باللغة الإيطالية فيخرج معه عند محطة الوصول عشرةٌ إلى خمسة عشر شخصاً يشهرون إسلامهم فيما بعد، وهذا حاله يومياً منذ أن أعلن إسلامه!

يقول عبد الله: في أحد الأيام وبينما أنا في المركز الإسلامي بميلانو إذ تقابلت مع شابٍ إيطاليٍ أعطاه الله من جمال الشكل والوسامة الشيء الكثير، مُلتحٍ يتلألأ وجهه نوراً اسمه أحمد، فسألته عن أحواله؛ فأخذ يسرد لي قصته ويقول عن نفسه: كنت أعيش في مدينة ميلانو وعمري لم يتجاوز الثالثة والعشرين، أعيش في الظلامات، ورثت عن والدي المتوفى مبالغ كبيرةً جداً وقصوراً ومصانع وسياراتٍ فارهةً حتى كنا نُعَد من العائلات ذات الثراء الفاحش في إيطاليا، ولم يكن يعيش في القصر معي سوى أمي وأختي. كنت لا أترك يوماً من عمري بدون عشيقةٍ وخمرٍ ومخدراتٍ منذ اللحظة التي أستيقظ فيها وحتى أنام؛ فأدمنت المخدرات بكل أصنافها وأنواعها، وكنت إذا رجعت القصر على هذه الحالة وأجد أمي أمامي أقوم بضربها ضرباً شديداً وأدخل إلى غرفتي وأنام، كان هذا حالي معها كل يومٍ تقريباً حتى أنها أصبحت تختبئ مني حتى أفيق. وكنت إذا خرجت من باب قصري بسيارتي الفارهة أجد عند باب القصر أكثر من عشرة فتياتٍ من أجمل الجميلات ينتظرنني ليركبن معي وأتسلى بمن يقع عليها الاختيار في ذلك اليوم ثم أستبدلها بأخرى في اليوم التالي، ومع ذلك لم أشعر بطعم السعادة يوماً حتى أنني كنت أشعر بضيقٍ شديدٍ يعتصر صدري، كنت عابس الوجه غليظاً شديد العصبية. خرجت في أحد الأيام إلى مقهىً في فترة الظهيرة ولم أرغب في اصطحاب أيٍ من الفتيات معي، واشتريت جريدةً وطلبت كوباً من القهوة وجلست أقرأ في المقهى على طريق المشاة، فإذا برجلٍ يقف بهدوءٍ خلف كتفي، وأنا لا ألتفت إليه، يسألني مبلغ مئة ليرةٍ ويقول أريدها دَيْناً أرجعه لك بعد شهر {والمئة ليرة إيطالية لا تساوي شيئاً يُذكر}، فأخرجتها من جيبي ورفعت يدي إلى الخلف وأعطيته ما طلب دون أن أنظر إليه وطلبت منه الانصراف؛ لأنني لا أحب المتسولين ولم أكن أطيق النظر إليهم. واستمريت على حالي هذا، وبعد شهرٍ تقريباً كنت في ذات المقهى أحتسي قهوتي كعادتي، وإذ بذلك الرجل يعود إليّ ويضع يده على كتفي مرةً أخرى فالتفتُ إليه؛ كان كبيراً ذا لحيةٍ بيضاء، قلت له: "ماذا تريد؟"، قال: "قد استلفت منك مبلغاً من المال، مئة ليرةٍ، قبل شهرٍ، ألا تذكر؟ وهذا هو المبلغ أرجعه إليك في الموعد"، وأخرج لي مئة ليرةٍ، قلت له بغضبٍ شديدٍ: "هل أنت مجنونٌ؟ أيها الغبي أنت تعلم أن من يأخذ هذا المبلغ الزهيد لا يرجعه ولو كان دَيْناً"، قال بكل ثباتٍ: "ولكن دِيني أمرني إذا أخذت أو استلفت شيئاً أن أرجعه مهما كان صغيراً"، سألته غاضباً: "وما دينك هذا؟"، رد باقتضابٍ: "الإسلام"، قلت له: "الإسلام؟! ولكن الإسلام دين قتلٍ وإراقة دماءٍ وإرهابٍ وتخلفٍ"، قال بهدوءٍ: "بل الإسلام منهج حياةٍ وطريق سعادةٍ لمن أحسن تطبيقه بطريقةٍ صحيحةٍ"، سمعت كلمة "سعادة" من ذلك الرجل الذي شابت لحيته ورَقَّ ثوبه وعلى وجهه ابتسامةٌ تمنيتها أن تكون لي، وقلت في نفسي: "لا بأس سأدفع مالي كله من أجل لحظةٍ أشعر بما يشعر به هذا المسكين من سعادةٍ ورضاً"، ورأيت في يده ورقةً مطويةً فسألته: "ما هذا الذي في يدك؟"، قال: "بعض الكلمات عن الإسلام"، فأخذتها من يده وقلت: "هل تسمح لي بقراءتها؟"، قال الرجل: "بل هي لك"، ثم ذهب ولم يلتفت إلي؛ فناديته ثم قلت له: "هل تسكن قريباً من هنا؟"، قال: "نعم"، قلت: "هذه المطوية صغيرةٌ جداً، أريد أكثر لأقرأ"، قال الرجل: "سأحضر لك كل يومٍ في هذا المكان مطويةً جديدةً عن الإسلام وأنت تشرب قهوتك". حرصت على ارتياد ذلك المقهى يومياً لأقرأ المطويات، وكان ذلك الرجل حريصاً على الحضور للمقهى بالمطوية في الوقت المحدد. بعد أن قرأت عشر مطوياتٍ تقريباً شرح الله صدري للإسلام، وأتيت للمركز الإسلامي، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وغيرت اسمي إلى أحمد وبدأت أتعلم الدين الإسلامي وأطبق منهجه. لاحظت أمي التغير الذي حصل لي فقد صرت عندما أدخل القصر أذهب إلى غرفتي مباشرةً دون أن أضربها، بل وأصبحت أقبلها إذا رأيتها؛ فاستوقفتني مرةً وهي خائفةٌ حذرةٌ وسألتني: "ما الذي جرى لك يا بُني؟"، وهي ترى آثار لحيتي بدأت تظهر على وجهي، قلت: "ما بك يا أمي لماذا أنتِ خائفةٌ؟"، قالت: "كنتَ يا بني إذا دخلتَ إلى البيت تضربني والآن أنتَ تقبلني على يدي ورأسي، ولك أيامٌ على ذلك، فهل حصل لك شيءٌ؟"، قلت لها: "نعم، لقد دخلت في دين الإسلام"، قالت: "وهل يأمرك هذا الدين بتقبيلي؟"، قلت: "نعم، وأمرني بالإحسان إليك"، قالت أمي مباشرةً: "أريد أن أدخل في هذا الدين"، وأسلمت أمي ورفعت الصليب المعلق على حائط غرفتي ووضعت مكانه لفظ الجلالة. اشتريتُ مصحفاً مترجماً للغة الإيطالية ووضعتُه في غرفتي، وفي أحد الأيام وبينما أَهُم بالدخول إلى غرفتي إذا بي أُفاجأ بأختي قد دخلت وجلست وبين يديها المصحف المترجم تقرأه في ذهولٍ عجيبٍ، تركتُها ولم أُشعرها برؤيتي لها حتى أسلمت بنفسها دون أن أتكلم بكلمةٍ واحدةٍ. ومن العجائب التي حدثت لي أنه بمجرد أن أشهرت إسلامي واغتسلت وبدأت بتطبيق شعائر الإسلام ذهب عني إدماني للمخدرات فوراً بدون مستوصفاتٍ أو مستشفياتٍ أو عياداتٍ نفسيةٍ؛ فعلمت أن الإسلام يغسل ما قبله ويمسح كل ما فات؛ فزاد يقيني وتمسكي بالإيمان بالله. يقول أحمد غاضباً وبنبرة صوتٍ جادةٍ: لقد أضعتُ من عمري سنين في الملذات والشهوات والكفر بالله، وأعداء الدين ينصبون المكائد بأهل الإسلام ويحاربون دين الله ويثيرون الفتن ويفترون على الله الكذب، وإني أُشهد الله الذي لا إله إلا هو، وبما علمت من الحق، لأسلطن أموالي كلها وما بقي لي من عمرٍ لنشر هذا الدين في إيطاليا ولو كره الكافرون. يقول عبد الله أن ذلك كان آخر كلام أحمد معه قبل أن يفترقا، ويقول: أما أنا فقد تزوجت من فتاةٍ شابةٍ إيطاليةٍ من أصلٍ بوسنيٍ ولم يكن صعباً عليّ إقناعها بالالتزام؛ فقد كانت مهيأةً وتعرف بعضاً من اللغة العربية، ودأبنا على خدمة الدين حيث قمنا بإنشاء مركزٍ جديدٍ لتعليم الإسلام للصغار في إيطاليا عبر ما يُسمى دور رعاية الأطفال المسلمين، وكان الإقبال على المركز عظيماً حتى من الجاليات غير المسلمة! ثم أنجبنا ثلاثة أبناء وابنتين كلهم صاروا والحمد لله من حفظة كتاب الله تعالى.

هؤلاء (مسلمون جُدد) جذبهم إلى دين الإسلام، موقفٌ أو فعلٌ أو سلوكٌ أو تصرفٌ أو حتى كلمة. كان من الممكن أن نفتقدهم، هم وأمثالهم، لو لم يجدوا بالقرب منهم مسلمين يمتثلون لأمر الله سبحانه وتعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾. كنا لنخسرهم لولا وجود مسلمين يسارعون إلى تنفيذ أمر الرسول عليه الصلاة والسلام: [بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً]، ويسعون إلى هداية الضالين لقوله صلى الله عليه وسلم: [فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ]. فليكن لنا فيهم أسوةٌ حسنةٌ، وليسعَ كلٌ منا، قدر ما يستطيع، إلى كسب مثل تلك النفوس الضالة ليكونوا مسلمين، وليتحولوا هم أنفسهم إلى دعاةٍ لغيرهم من قومهم وعشيرتهم، ولن يكون ذلك إلا بأن نتخلق كلنا جميعاً بأخلاق القرآن؛ فحين سُئلت السيدة عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن".

أحبتي .. إنهم (مسلمون جُدد) فتح الله لهم أبواب الهداية فاهتدوا. أترك لكم استخلاص الدروس والعبر مما قرأتم، وأستأذنكم في الانصراف لأكفكف دموعاً ساخنةً انهمرت من عينيّ وأنا أَطَّلِع على أحوال هؤلاء المسلمين "الجدد"، ثم أتطلع إلى أحوالنا نحن المسلمين "القدامى" فأُصاب بالحسرة والأسى لأحوالنا وما وصلنا إليه من التهافت على الدنيا والاهتمام بسفاسف الأمور والبُعد عن شرع الله وكتابه الكريم وسُنة رسوله المصطفى، حتى تحول الكثير منا، إلا من رَحِمَ ربي، من داعين لدين الله بسلوكنا وأخلاقنا إلى مُنَفِّرين منه بأعمالنا وأفعالنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم أصلح أحوالنا، ورُدَّنا إلى دِينك رداً جميلاً، واجعلنا ممن يدعون إلى الإسلام بكمال أخلاقهم وحُسن سلوكهم وصدق معاملاتهم، اللهم اجعل خُلُقَنا القرآن.

نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرةٍ جديدةٍ، إنْ أَذِنَ الله وأمَّدَ في أعمارنا.

هدانا الله وإياكم إلى صالح الأعمال وتقبلها منا.

http://goo.gl/7mb41H