الجمعة، 18 ديسمبر 2015

وللأرز فوائد أخرى!


18 ديسمبر، 2015م
خاطرة الجمعة / ١٠

(وللأرز فوائد أخرى!)

انقطعتُ عن التواصل مع كل الأحبة نهاية الأسبوع الماضي لأكثر من يومين .. وتفضل كثيرون منكم بالسؤال عني قلقين من فكرة أنه ربما أصابني مكروه منعني من التواصل اليومي كعادتي كل صباح ومساء، حتى إن خاطرة الجمعة الماضية لم أتمكن من نشرها.
في الواقع كان سبب احتجابي أني مررت بتجربة صعبة لم أكن مستعداً لها -نفسياً على الأقل- بدأت بسقوط هاتفي المحمول في الماء، وانتهت بعد قرابة يومين بعودته إلى الحياة مرة أخرى .. وما بين البداية المفاجئة والنهاية غير المتوقعة تدور خاطرة هذه الجمعة.
لابد أولاً من الإقرار بأني اعتمد على هاتفي المحمول اعتماداً كاملاً؛ فأرسل واستقبل بريدي الإلكتروني منه، وأعد من خلاله حلقات وأعداد ما أقوم بتعميمه من سلاسل دينية واجتماعية وتربوية. لذلك حين سقط في الماء سقط معه قلبي، وأحسست بأن تفكيري قد شُل للحظات، تمالكت نفسي وسارعت بانتشال هاتفي من الماء فإذا بشاشته كما هي لم تتأثر بالماء، تنفست الصُعداء وحمدت الله كثيراً فهاتفي لم يتأثر بالماء. أردت تجفيفه فأغلقته وجئت بمنشفة ومجفف شعر وأعواد تنظيف الأذن وبدأت عملية تجفيف خارجي للهاتف. استغرقت عملية التجفيف دقائق قليلة قمت بعدها بإعادة تشغيل الهاتف لأجد مفاجأة في انتظاري، لقد تحول لون الشاشة إلى اللون الأحمر، سارعت بإغلاقه وفتحه مرة أخرى لعل وعسى يعود إلى رشده فإذا بلون الشاشة يتحول إلى الأزرق، فأغلقت الهاتف وقد تبخر إحساسي بالزهو أن هذا الهاتف صمد وظل يعمل بعد سقوطه في الماء.
ماذا أفعل الآن؟ أسرعت إلى حاسبي، قمت بتشغيله، وقلت في نفسي لن يحل مشكلتي هذه إلا صديقنا المخلص السيد (جوجل)، كتبت في نافذة البحث "وقع هاتفي في الماء" أطلت علي روابط مواقع كثيرة تحدث فيها غيري عن تجربتهم في هذه الحالة، اخترت مقطعاً مصوراً يتحدث فيه أحدهم بالصوت والصورة عن تجربته، فإذا به يصدمني بأن أول خطوة هي إطفاء الهاتف وعدم التفكير في تشغيله نهائياً، وأنا قمت بتشغيله أكثر من مرة!، ثم سمعته يقول إن الخطوة التالية هي أن تتزع بطارية الهاتف، وأنا هاتفي غير قابل للفتح ولا أستطيع نزع بطاريته!، واستمر يقول أن الخطوة الثالثة هي القيام بتجفيف البطارية والأجزاء الداخلية من الهاتف، وأضاف أن الخطوة الرابعة والأخيرة هي وضع الهاتف في كيس بلاستيكي به "أرز" وترك الهاتف مغموراً فيه لمدة ٣٦ ساعة!!! ماذا؟ أرز؟! لابد أنها مزحة منه، يا لها من مزحة ثقيلة. هاتفي يرقد بجواري جثة هامدة، ولا أعرف ماذا أفعل وتخبرني أن "الأرز" هو الذي سيحل المشكلة، يا لك من سخيف.
عدت إلى نتائج بحث صديقنا (جوجل)، وفتحت أكثر من رابط لأجد كثيرين ممن مروا بنفس التجربة قد قاموا بعلاج هاتفهم ب "الأرز"! .. يبدو إذن أن صاحبنا كان محقاً .. ولم يكن سخيفاً (أعتذر له) .. صحيح أنهم أوضحوا أن لل"أرز" خاصية امتصاص الرطوبة، لكني لم أكن لأصدق أن يكون هذا هو الحل.
حسناً، لماذا لا أجرب؟، ماذا سوف أخسر من التجربة؟، وماذا سيصيب هاتفي أكثر مما هو عليه الآن؛ وهو في حالة موت إكلينيكي؟ توكلت على الله، أتيت بكيس نايلون من النوع الذي يقفل بسحاب، ملأته ب"الأرز" ثم وضعت الهاتف بحيث أحاط به "الأرز" من كل الجوانب، أخرجت ما بالكيس من هواء، ثم أحكمت إغلاق السحاب، وتركت الكيس على هذا الوضع لمدة ٣٦ ساعة!
إنها أطول ٣٦ ساعة بالنسبة لي، قاومت خلالها بشدة رغبة متكررة بأن أقوم بفتح الكيس وتشغيل الهاتف قبل انقضاء الوقت المحدد. توقفت حياتي الإلكترونية بالكامل طوال تلك الساعات، واستخدمت الحاسوب كبديل لكنه لم يسعفني كثيراً، وأحسست وقتها بأني وحيد كما لو أنني اُنتزعت من محيطي الاجتماعي ورُمي بي في صحراء مقفرة .. ولا أبالغ إذا قلت لكم أنني كنت في حالة نفسية يُرثى لها!
ومرت الساعات بطيئة متثاقلة، وحانت اللحظة الحاسمة، حان وقت فتح الكيس، مددت يدي وأخرجت هاتفي من وسط "الأرز" المحيط به، وقبل أن أقوم بتشغيل الهاتف قرأت الفاتحة ووجدتني أدعو الله لهاتفي بأن يخرج من هذه العملية سليماً معافى .. كان الأمر أقرب ما يكون لعزيز لديك أُجريت له عملية دقيقة في عينيه وحان وقت فك الشاش من حول عينيه!
وكانت المفاجأة .. ظهرت الشاشة العادية ثم اشتغل الهاتف كأن شيئاً لم يكن!!! ..
ووجدتني أقول في نفسي (كم أنت عظيم أيها "الأرز") ..
أحبتي في الله .. هذه قصة حقيقية أردت أن أكتبها حتى يستفيد منها الآخرون .. كان بطلها في الواقع "الأرز" الذي لا نستخدمه إلا في الأكل فقط، فهل كنتم تعلمون أن ل"الأرز" فوائد أخرى؟!
نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة في خاطرة جديدة إن أذن الله وأمد في أعمارنا.
تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال.