الجمعة، 13 نوفمبر 2015

السنن الرواتب


13 نوفمبر، 2015م
خاطرة الجمعة /٦

(السنن الرواتب)

هو صديق لي يصلي معي في نفس المسجد معظم الفروض .. انتظرني ذات يوم خارج المسجد بعد صلاة العصر، وقال لي: تعرف ما بيننا من ودٍ وصداقة، قلت: بالطبع أعرف، خير إن شاء الله. رد علي: خير، لكني محرج منك. شجعته على أن يقول ما يرغب بغير إحراج. قدم لي بالقول: الدين النصيحة. قلت: لله ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم. قال: أحسبك تقياً، ولا أزكي على الله أحداً، ومع ذلك أراك تصلي معنا الفروض في جماعة ثم تختم الصلاة وتنصرف دون أن تصلي السنن الرواتب، ولا شك أنك تعلم ثوابها.
قلت له: "أخي العزيز، أولاً شكراً لك على حسن ظنك بي، ثانياً أقدر لك نصيحتك وأعلم أنها دليل اهتمامك بي وحرصك على مصلحتي، أما ثالثاً فلماذا لا أصلي السنن الرواتب في المسجد؟ فلتعلم يا صديقي أني كنت من الحريصين على ذلك دوماً". قاطعني متسائلاً: "إذن لماذا لم تستمر على ذلك؟". تبسمت وقلت له: "اصبر، واسمع القصة من أولها، صلِ على النبي"، قال: "عليه الصلاة والسلام"، قلت: "كنت مثلك ولاحظت ما لاحظته أنت فيما يتعلق بعدم صلاة بعض الأحبة السنن الرواتب في المسجد، وكنت أتعجب لنفس ما تعجبت أنت منه، فقلت في نفسي علي أن أبحث في الأمر لعل هناك ما أجهله، وصدق حدسي؛ فعندما بحثت عن موضوع السنن الرواتب وكيف كان يصليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ استوقفني في صحيح البخاري حديث للرسول عليه الصلاة والسلام يقول فيه: [صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا المَكْتُوبَةَ] ، واتضح لي أن جمهور أهل العلم على أن أفضلية صلاة الرواتب كغيرها من النوافل في البيت. كان صديقي يتابع حديثي باهتمام، فاستطردت قائلاً: ومن يومها يا عزيزي عزمت على أن أصلي جميع السنن الرواتب قبل أو بعد الفريضة في البيت ما استطعت تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام وعملاً بسنته المشرفة، إلا الركعتين قبل صلاة الفجر فأصليهما في المسجد حتى لا تفوتني الصلاة في الصف الأول، وفي حالة أن أكون بعيداً عن البيت في عمل أو قضاء مصلحة أصلي السنن الرواتب في المسجد". قال صديقي: "أحمد الله سبحانه وتعالى على أن وفقني لسؤالك ووفقك لإجابتي وتوضيح الأمر لي".
انتهى اللقاء وفي ذهني آية قرآنية كريمة تلح علي؛ فهي تصفني في هذا الموقف وفي مواقف أخرى مماثلة، يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: ﴿كَذَٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا﴾.
إنها منة الله علينا أن هدانا لنتبين طريق الرشد، فلك الحمد ربي حمداً كثيراً طيباً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك.
نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة في خاطرة جديدة إن أذن الله وأمد في أعمارنا.
تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال.
https://goo.gl/FFdXg2