الجمعة، 8 سبتمبر 2023

طريق الاستقامة

 خاطرة الجمعة /412

الجمعة 8 سبتمبر 2023م

(طريق الاستقامة)

كتب يقول: جمعتني به الأقدار بغير ميعادٍ، نظرتُ إليه وقد ارتسمت على مُحياه آثار التعب والإعياء، قرأتُ في وجهه الألم والحسرة والضيق؛ بادرته بالسلام رد عليّ مُرحباً، سألته سؤالاً دفعني إليه ما بداخلي من رغبةٍ في تخفيف بعض ما يعانيه؛ فقلتُ: "أخي مالي أراك مُتعَباً مهموماً؟"، رد عليّ بسرعةٍ يخالطها بعض الارتباك: "لا شيء لا شيء"، عاودتُ سؤاله مرةً أخرى: "أخي أرجوك أفصح لي عما بداخلك لعلي أستطيع مساعدتك"؛ فأجاب: "دعني؛ لا أحد يستطيع مساعدتي"، قلتُ له: "أرجوك اسمح لي أن أشاركك ولو في الهم الذي تحمله، واعلم أن إفصاحك عن بعض ما تعانيه يُهوِّن عليك الكثير والكثير، فلا تحرمني فرصة مساعدتك؛ فإني مشفقٌ عليك"، سكت قليلاً ثم قال: "مشكلتي أن الهمَّ يحاصرني؛ أشعر بضيقٍ شديدٍ، كأن جبال الدنيا كلها قد وُضعت على صدري؛ همومٌ متتابعةٌ، أرقٌ بالليل وشقاءٌ بالنهار، حاولتُ تبديد تلك الهموم، فعلتُ كل شيءٍ؛ غنيتُ ورقصتُ، سافرتُ وعبثتُ وسكرتُ وأدمنتُ، صاحبتُ أشقى الأصدقاء وتعرفت على أجمل النساء، فلم ازدد إلا شقاءً وبلاءً؛ فقُل لي بربك هل أجد عندك الدواء؟ لا أخفيك سراً أني تمنيتُ الموت لأتخلص من حياة الضنك والشقاء التي أنا فيها، فهل تملك حلاً لمشكلتي؟ لا أظن ذلك". بادرته بابتسامةٍ ممزوجةٍ بالشفقة وقلتُ له: "نعم أملك الحل لمشكلتك، وهو هينٌ يسيرٌ "، قال: "أتهزأ بي وقد كشفتُ لك مكنون صدري الذي لم أكشفه لأحدٍ قط؟"، قلتُ له: "لا أهزأ بك، بل أُقسم لك بالله أنك تملك العلاج وبيدك أنت زمامه"، أجابني بلهفةٍ: "قُل لي ما هو هذا الحل الذي يُخرجني من ألمي وحيرتي وشقائي؟".

قلتُ له: "أيها الحبيب إن دواءك في أن تلزم (طريق الاستقامة) على أمر الله"، ضحك ضحكةً ساخرةً وقال: "الاستقامة! لماذا الاستقامة؟ هل تريد أن تزيدني تعقيداً وهماً وضيقاً؟ ألا يكفي ما أعانيه؟ فقد سألتُ عن حياة المستقيمين فقيل لي أنهم معقدون يحرّمون كل شيءٍ، لا يعرف الضحك إلى ثغورهم سبيلاً، كل أوقاتهم حزنٌ وبكاءٌ، فكيف أجد في حياتهم الدواء؟"، قلتُ له: "هل جربتَ بنفسك الاستقامة؟ هل عاشرتَ أحد المستقيمين؟"، قال: "لا ولكن لماذا الاستقامة؟ أتظن أنها ستحل مشكلتي؟ ولماذا الاستقامة بالذات؟"، قلتُ له: "أما وقد أكثرتَ عليَّ السؤال لماذا الاستقامة؟ فأمهلني بعض الوقت أجيبك عن هذا السؤال، فهل في وقتك متسعٌ كي أبين لك كيف يكون (طريق الاستقامة) سبباً للسعادة ولماذا الاستقامة بالذات؟"، أجابني: "تفضل فوقتي كله ملكٌ لك؛ فالفراغ يكاد يغتالني"، قلتُ: "إذاً فتحملني حتى أُتم حديثي، ولي رجاءٌ ألا تقاطعني، فقط أعرني سمعك"، قال: لا بأس لا بأس تفضل". وجدتها فرصةً سانحةً لأبين لهذا الشخص المهموم أن (طريق الاستقامة) على أمر الله هو الطريق الصحيح لتحصيل السعادة الحقيقية. بدأتُ معه بتوضيح معنى الاستقامة، ثم بينتُ له أنها طريقٌ تبدأ بالتوبة في الدنيا وتنتهي بالفوز بالجنة في الآخرة. وختمتُ حديثي معه بأن الاستقامة سببٌ للفوز بالجنة والرضوان ورؤية المولى عز وجل وزيارته سبحانه؛ يقول تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ . إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، ويقول سبحانه: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ . ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ﴾. ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾، ويقول أيضاً: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ . وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾، ويقول كذلك: ﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ . هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ . لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ . سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ]. وقال صلى الله عليه وسلم: [إنَّ في الجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأْتُونَها كُلَّ جُمُعَةٍ، فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمالِ فَتَحْثُو في وُجُوهِهِمْ وثِيابِهِمْ، فَيَزْدادُونَ حُسْنًا وجَمالًا، فَيَرْجِعُونَ إلى أهْلِيهِمْ وقَدِ ازْدادُوا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولُ لهمْ أهْلُوهُمْ: واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا، فيَقولونَ: وأَنْتُمْ، واللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنا حُسْنًا وجَمالًا]. وقال عليه الصلاة والسلام: [أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، والذينَ علَى إثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ علَى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ، لا اخْتِلَافَ بيْنَهُمْ ولَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ واحِدَةٍ منهما يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِن ورَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا، لا يَسْقَمُونَ، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ والفِضَّةُ، وأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، ووَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الألُوَّةُ - يَعْنِي العُودَ -، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ.]. كما قال: [يُنادِي مُنادٍ: إنَّ لَكُمْ أنْ تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَحْيَوْا فلا تَمُوتُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَمُوا أبَدًا، وإنَّ لَكُمْ أنْ تَنْعَمُوا فلا تَبْأَسُوا أبَدًا. فَذلكَ قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾]، وقال صلى الله عليه وسلم: [ إنَّ في الجَنَّةِ خَيْمَةً مِن لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُها سِتُّونَ مِيلًا، في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنْها أهْلٌ، ما يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عليهمُ المُؤْمِنُونَ، وجَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ؛ آنِيَتُهُما وما فِيهِما، وجَنَّتانِ مِن كَذا؛ آنِيَتُهُما وما فِيهِما، وما بيْنَ القَوْمِ وبيْنَ أنْ يَنْظُرُوا إلى رَبِّهِمْ إلَّا رِداءُ الكِبْرِ علَى وجْهِهِ في جَنَّةِ عَدْنٍ]. وقال صلى الله عليه وسلم: [..ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ].

قلتُ لصاحبي: "هل تخيلتَ نفسك وأنت في هذا النعيم وقارنته بحالك الآن وما أنت فيه من تعاسةٍ وشقاءٍ وضنك؟" قال: "يكفي يكفي؛ فأنا على يقينٍ تامٍ أنه لا سبيل إلى السعادة الحقيقية إلا بالتزام (طريق الاستقامة) على أمر الله، وإني لفي شوقٍ عظيمٍ إلى هذه الحياة".

للحق ظل مُنصتاً لي لم يُقاطعني، بل وكان كأنه يسمع بقلبه قبل أُذنيه؛ فكنتُ أرى بأم عينيّ مدى تجاوبه مع ما أقول، حتى إذا انتهيتُ من كلامي سألني: "ولكن هل سيتوب الله عليّ وقد فعلتُ من الجُرم ما تستحي منه السماوات والأرض؟"، اقتربتُ منه ووضعتُ يديّ على كتفه وقلتُ له: "كيف لا يقبلك الله وقد وسعت رحمته كل شيء؟ كيف لا يقبلك وهو سبحانه القائل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾؟ كيف لا يقبلك وهو القائل في الحديث القدسي: { ...يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ...}؟ كيف لا يقبل توبتك وهو القائل في حديثٍ قدسيٍ آخر: {يا ابنَ آدمَ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِكْ بِيْ شَيْئًَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً}؟

قلتُ له: "أخي الحبيب هيا تقدم واغسل قلبك من نهر التائبين، هيا فِر إلى ربك عزَّ وجلَّ لتظفر بخيري الدنيا والآخرة، هيا انضم إلى قوافل التائبين وركب المنيبين". وأردفتُ قائلاً: أخي أصغِ إليّ أزف إليك بشرى عظيمةً من ربك الكريم الجواد الرؤوف الرحيم الذي يقول: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً﴾، إنها بُشرى أرحم الراحمين هديةً لجميع المذنبين تريحهم من أثقال الذنوب وآصار الخطايا وحر الآثام السالفة، بل تُحيلها إلى مصدرٍ للفرح والسرور، تلك البُشرى هي أن الله يُبدِّل السيئات إلى حسناتٍ؛ يقول سبحانه:﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾. قال لي والبِشر يلوح على محياه، وعيناه تذرف بالدموع: "كل سيئاتي السابقة؟ كل جُرمي وزللي يبدلها إلى حسنات؟! ما أرحم الله عليّ وما أرأفه بي وما أعظم إمهاله". قلتُ له: أخي الحبيب هيا بادر إلى التوبة، ضع يدك في يدي لا تتردد أو تتأخر؛ ألم تسمع قول الشاعر:

فبادِر إذا مادام في العمر فُسْحَةٌ

وعَدْلُكَ مقبولٌ وصرْفُكَ قيِّمُ

وَجِدَّ وسارِعْ واغتَنِمْ زمَنَ الصِّبا

ففي زمن الإمْكانِ تسْعَى وتَغْنَمُ

ارتمى في أحضاني وهو ينشج بالبكاء، ويُردد: "جزاك الله خيراً، جزاك الله خيراً، أشعر وكأني وُلدت من جديد، أشعر أني مخلوقٌ آخر، أين حياة الضنك التي كنت أعيشها؟ أين البؤس والشقاء الذي كان يلازمني؟ أشعر بسعادةٍ عظيمةٍ لم أشعر بها من قبل، أعدك أن أسلك طريق الاستقامة ولا أحيد عنه أبداً بإذن الله تعالى".

 

أحبتي في الله.. يقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. قيل: "إن العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياةٌ طيبةٌ في هذه الأرض، لا يهم أن تكون ناعمةً رغدةً ثريةً بالمال فقد تكون به، وقد لا يكون معها. وفي الحياة أشياء كثيرةٌ غير المال تطيب بها الحياة؛ ففيها الاتصال بالله والثقة به، والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه، وفيها الصحة والهدوء والرضى والبركة، وسكينة النفوس ومودة القلوب، وفيها الفرح بالعمل الصالح وآثاره في الضمير وآثاره في الحياة". وقيل عن ثواب (طريق الاستقامة): "الإقبال على الله تعالى، والإنابة إليه، والرضى به وعنه، وامتلاء القلب من محبته، واللهج بذِكره، والفرح والسرور بمعرفته: ثوابٌ عاجلٌ وجنةٌ، وعيشٌ لا نسبة لعيش الملوك إليه البته". وكان بعض العارفين يقول: "لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف".

 

أحبتي.. أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وجلَّ، ولزوم (طريق الاستقامة)؛ يقول تعالى: ﴿وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾، وتكون الاستقامة بالمحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل، وملازمة القرآن تلاوةً وحفظاً وتدبراً، ومداومة الذِكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وحُسن الخُلُق.

والحذر الحذر من رفقاء السوء فإنهم أساس كل بلاءٍ، علينا اختيار الرفقة الصالحة التي تُعيننا على (طريق الاستقامة) والهداية؛ يقول تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾.

اللهم أعنّا على التقوى ولزوم (طريق الاستقامة)؛ فأنت الهادي لكل خير.

https://bit.ly/44DVKKU