الجمعة، 2 أغسطس 2019

عابر سبيل

الجمعة 2 أغسطس 2019م

خاطرة الجمعة /١٩٨
(عابر سبيل)

رُوي عن الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه حين فُتحت عليه الفتوحات، قالت له ابنته حفصة - أم المؤمنين رضي الله عنها -: البس ألين الثياب إذا وفدت عليك الوفود من الآفاق، ومُرْ بصَنَعة الطعام تَطْعَمُه وتُطْعِم من حضر. فقال عمر: يا حفصة، ألستِ تعلمين أن أعلم الناس بحال الرجل أهل بيته؟ فقالت: بلى.
قال: ناشدتك الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث في النبوة كذا وكذا سنة لم يشبع هو ولا أهل بيته غدوةً إلا جاعوا عشيةً، ولا شبعوا عشيةً إلا جاعوا غدوةً؟ وناشدتك الله، هل تعلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم لبث في النبوة كذا كذا سنة لم يشبع من التمر هو وأهله حتى فتح الله عليه خيبر؟ وناشدتك الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قربتم إليه يوماً طعاماً على مائدةٍ فيها ارتفاعٌ فشقَّ ذلك عليه حتى تغير لونه، ثم أمر بالمائدة فرُفعت، ووُضع الطعام على دون ذلك، أو وُضع على الأرض؟ وناشدتك الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام على عباءةٍ مثنيةٍ فثُنيت له ليلةً أربع طاقاتٍ فنام عليها، فلما استيقظ قال: [مَنَعْتُمُونِي قِيَامَ اللَّيْلَةِ بِهَذِهِ الْعَبَاءَةِ، اثْنُوهَا بِاثْنَتَيْنِ كَمَا كُنْتُمْ تَثْنُونَهَا]؟ وناشدتك الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع ثيابه لتُغسل فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة فما يجد ثوباً يخرج به إلى الصلاة حتى تجف ثيابه فيخرج بها إلى الصلاة؟ وناشدتك الله، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَنعت له امرأةٌ من بني ظفر كساءين إزاراً، وبعثت إليه بأحدهما قبل أن يبلغ الآخر، فخرج إلى الصلاة وهو مشتملٌ به ليس عليه غيره، وقد عقد طرفيه إلى عنقه، فصلى كذلك؟
فما زال يقول حتى أبكاها، وبكى عمر رضي الله عنه وانتحب، حتى ظننَّا أن نفسه ستخرج.

أحبتي في الله .. أبكتني هذه الرواية عندما اطلعتُ عليها؛ لقد عاش رسولنا الكريم في دنيانا كأنه (عابر سبيل).
بأبي أنت وأمي يا حبيبي يا رسول الله .. أنت يا خير من أنجبت البشرية تزهد في الدنيا وهي التي إن أردتَ جاءتك راغمةً .. أنت يا أفضل خلق الله تزهد في الدنيا ولو شئتَ لجمعوا لك الأموال وولوك المُلك عليهم .. أنت يا من قال عنك الله سبحانه وتعالى: ﴿انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا . تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا﴾ عندما قال الكافرون: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا . أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾. 
لقد صدق أهل العلم حين قالوا أنه كان من أخلاقك - صلوات الله وسلامه عليك - الزهدُ في الدنيا، والاكتفاء منها بما يُقيم الأَوَدَ، والصبرُ على شظف العيش، والقناعة بما يصل إليك. كنتَ تنام على حصيرٍ ليس تحته شيءٌ، ووسادةٍ حشوُها ليفٌ، وكان لباسك البُرَدَ الغليظة، وطعامك التمر والماء والشعير، يمضي الشهر والشهران لا تُوقد في بيتك نار؛ فتكتفون بالتمر والماء. كم كنتَ تبيتَ طاوياً، وتُصبح صائماً، وكنتَ تعصب الحجر على بطنك من شدة الجوع. حُمِلَت إليك الأموال فلم تدَّخر لنفسك منها شيئاً، بل مِتَّ ودِرعُك مرهونةٌ عند يهوديٍ في ثلاثين صاعاً من شعيرٍ. لو أردتَ أن تعيش في نعيمٍ ورغَدٍ من العيش، لكان لك ذلك، ولكنك آثرتَ الزهد والصبر ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، فعشتَ في الدنيا كما لو كنتَ (عابر سبيل).
عن السيدة عائشة - أم المؤمنين رضي الله عنها - قالت: "ما شبع آل محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - منذ قَدِم المدينة من طعام البُرِّ ثلاثَ ليالٍ تباعًا حتى قُبض". وعنها - رضي الله عنها - قالت: "إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ نَمكُثُ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ، إِنْ هُوَ إِلا التَّمْرُ وَالْمَاءُ". وعنها أنها كانت تقول: "وَاللهِ إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ، ثُمَّ الْهِلالِ، ثُمَّ الْهِلالِ، ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ نَارٌ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فلما سُئلت: ما كان يُعَيِّشُكم؟ قالت: "الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ". "المنيحة" منحة اللبن، كالناقة، أو الشاة، تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك. وعنها أنها قالت: "لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ". وقالت رضي الله عَنْهَا: "مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ بُرٍّ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ". "خبز البُر" هو الخبز المصنوع من طحن حبوب القمح الكاملة دون غربلتها وتصفيتها.
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِي مَا يَجِدُ دَقَلًا يَمْلَأُ بِهِ بَطْنَهُ". "الدقل" رديء التمر!
إنه الزهد في الحياة الدنيا، التي يصفها لنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فيقول: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا﴾، ووصف متاعها بقوله تعالى: ﴿مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾.
وها هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بحقيقة الدنيا عندما نام على حصيرٍ فقامَ وقد أَثَّرَ في جنبهِ، قال له بعض الصحابة: يَا رَسُولَ اللهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً؟ فَقَالَ: [مَا لِي وَلِلدُّنْيَا، مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا]، وعن الزهد فيها يقول - عليه الصلاة والسلام - لمن سأله دُلَّني على عملٍ إذا عملتُه أحبَّني الله وأحبني الناس؟: [ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّك اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّك النَّاسُ]. ويوجهنا صلى الله عليه وسلم فيقول: [كُنْ في الدُّنْيا كأَنَّكَ غريبٌ، أَوْ عَابِرُ سبيلٍ].
وصف أحد العلماء عاشق الدنيا الذي يؤثرها على الآخرة بأنه: "من أسْفَه الخلق وأقلهم عقلاً، إذ آثر الخيال على الحقيقة، والمنام على اليقظة، والظل الزائل على النعيم الدائم، والفانية على الباقية، وباع حياة الأبد في أرغد عيشٍ بحياةٍ إنما هي أحلامُ نومٍ، أو كظلٍ زائل".
وكان أحد الصالحين يقول: "ابن آدم، إن لك عاجلةً وآجلةً، فلا تؤثرنَّ عاجلتك على آجلتك فتندم، واعلم أنك إنْ تَبِعْ دنياك بآخرتك تربحهما، وإن تَبِعْ آخرتك بدنياك تخسرهما. ابن آدم، إن الدنيا مطيةٌ، إنْ ركبتَها حمَلتْك، وإنْ حمَلتَها أثقلتك. ابن آدم، إنك مرتهنٌ بعملك، واردٌ عليك أجلُك، معروضٌ على ربِك: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾. إن المؤمن كيِّسٌ؛ نظر فأبصَر، وتفكَّر فاعتبر، ثم عمد إلى دنياه فهدمها وبنى آخرته، ولم يهدم آخرته لبناء دنياه، ولم يزل ذلك عمله حتى لقي ربه فرضي عنه وأرضاه. ابن آدم، إذا رأيت الناس في خيرٍ فنافسهم، وإذا رأيتهم في هلكةٍ من طلب الدنيا فذرهم وما اختاروا لأنفسهم، ولقد رأيتُ أقواماً آثروا عاجلتهم على آجلتهم، ودنياهم على آخرتهم، فافتضحوا وذلوا وهلكوا وعُوقبوا بموت القلوب. من ركَن إلى الدنيا ذلَّ واقتصر، ومَن زهد فيها عزَّ واقتدر".
قال أحد الزهاد: لو كانت الدنيا ذهباً يفنى، والآخرة خزفاً يبقى، لآثر العاقل خزفاً يبقى، على ذهبٍ يفنى، فكيف والدنيا أقل من خزفٍ، والآخرة أكثر من ذهب؟!
ويقول أحد الصالحين: عجبتُ لحالنا؛ الدنيا موليةٌ عنا، والآخرة مقبلةٌ علينا، ونشتغل بالمدبرة، ونُعرض عن المقبلة، كأننا لن نصل إليها، ولن نحط رحالنا فيها!
ويقول أهل العلم: لله در امرأة فرعون آسيا بنت مزاحم - رضي الله عنها - ما أعقلها، عندما طلَّقت الدنيا وما فيها من القصور والدور ومتاع الغرور، والتجأت لله العزيز الغفور؛ فقالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.
وهذا أبو العتاهية - الشاعر المعروف -دخل على الرشيد حين بنى قصره، وزخرف مجلسه، واجتمع إليه خواصه، فقال له: "صِف لنا ما نحن فيه من الدنيا"، فقال: "عش ما بدا لك آمناً .. في ظلِّ شاهقةِ القصور"، فقال الرشيد: "أحسنتَ، ثم ماذا؟"، فقال: "يسعى إليك بما اشتهيتَ لدى الرواح وفي البكور"، فقال: "حسنٌ، ثم ماذا؟"، فقال: "فإذا النفوسُ تقعقعت .. في ضيقِ حشرجةِ الصدور .. فهناك تعلمُ موقناً .. ما كنتَ إلاّ في غرور". فبكى الرشيد بكاءً شديداً، فقال الفضل بن يحيى لأبي العتاهية: "بعث إليك أمير المؤمنين لتسره فأحزنته"، فقال له الرشيد: "دعه فإنه رآنا في عمىً فَكَرِهَ أن يزيدنا عمىً".
أما الشاعر فيقول:
لا تَأْسَفَنَّ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا
فَالمَوْتُ لا شَكَّ يُفْنِيْنَا وَيُفْنِيْهَا
وَمَنْ يَكُنْ هَمُّهُ الدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا
فَسَوْفَ يَوْمًا عَلَى رَغْمٍ يُخَلِّيْهَا
اعمل لِدَارِ البَقَا رِضْوَانُ خَازنُهَا
الجَارُ أحْمِدُ والرَّحمنُ بَانِيْهَا
النَّفْسُ تَطْمَعُ في الدَّنْيَا وَقَدْ عَلِمَتْ
أَنَّ السَّلامَةَ مِنْهَا تَرْكُ مَا فِيْهَا
أَمْوَالُنَا لِذَوِي المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا
وَدَارُنا لِخَرَاِب البُومِ نَبْنِيْهَا
لا دَارَ لِلْمَرْءِ بَعْدَ المَوتِ يَسْكُنُهَا
إِلا التي كانَ قَبْلَ المَوْتِ يَبْنِيْهَا
فَمَنْ بَنَاهَا بِخَيْر طَابَ مَسْكَنُهُ
وَمَنْ بَنَاهَا بِشرِّ خَابَ بِانِيْهَا
وَهَذِهِ الدَّارُ لا تَغْرُرْكَ زَهْرَتُهَا
فَعَنْ قَرِيْبٍ تَرَى مُعْجِبكَ ذَاوِيْهَا
فَارْبَأ بنَفْسُكَ لا يَخْدَعكَ لامِعُهَا
مِنَ الزَّخَارِفِ وَاحْذَرْ مِنْ دَوَاهِيْهَا
خَدَّاعَةٌ لَمْ تَدُمْ يَوْمًا عَلَى أَحَدٍ
وَلا اسْتَقَرَّتْ عَلَى حَالٍ لَيَالِيْهَا
فَانْظُرْ وَفَكَّرْ فَكَمْ غَرَّتْ ذَوي طَيْشِ
وَكَمْ أَصَابَتْ بِسَهْم المَوْتِ أَهْلِيْهَا

أحبتي .. الدنيا كما يُقال عنها سوقٌ ربح فيه قومٌ، وخسر آخرون. وليس معنى الزهد في الدنيا هو تركها وراء ظهورنا والانعزال عن الناس، وإنما نعيش فيها ونعمرها ونصلح ما استطعنا للإصلاح سبيلاً، ونزيد رصيد حسناتنا كل يومٍ ونحن ما زلنا على ظهرها بالطاعات وأعمال الخير، ولا تكون الدنيا في قلوبنا؛ لنكون بإذن الله من الفائزين والرابحين.
ليكن كلٌ منا في الدنيا (عابر سبيل)، ولنسَّخِر نِعم الله عزَّ وجلَّ علينا في طاعته، ولنحذر قول القائل لمن سأله مَن أشدُ الناس صُراخاً يوم القيامة؟ فقال: "رجلٌ رُزق نعمةً؛ فاستعان بها على معصية الله". ولنعمل بعمل من أراد الجنة، وسعى لها سعيها وهو مؤمنٌ، طمعاً في جنةٍ يصف الله سبحانه وتعالى جزاء الصالحين فيها بقوله: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وبقوله تعالى في الحديث القدسي: {أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ}.
يقول تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ فلنجاهد هوى النفس، ونعمل كل عملٍ يقربنا من الجنة ويباعد بيننا وبين النار، ولنصبر على بلاءات الدنيا ونحتسب عند الله الأجر والثواب لنكون من أهل هذه الآية: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.
لنتأسى برسولنا الحبيب وصحابته الكرام؛ كانوا أكثر الناس زهداً وكانوا أصحاب رسالةٍ غيروا بها العالم وأخرجوا البشرية من الظلمات إلى النور؛ فَهَلَّا كنا من الزاهدين ونبدأ بتغيير أنفسنا فنكون كل يومٍ إلى الله أقرب؟
اللهم لا تجعل الدنيا في قلوبنا، واجعلها بأيدينا، ولا تفتنا فيها، واجعل قلوبنا معلقةً بك وحدك، وتهفو إلى جنتك. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا. واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.

نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرةٍ جديدةٍ، إنْ أَذِنَ الله وأمَّدَ في أعمارنا.
هدانا الله وإياكم إلى صالح الأعمال وتقبلها منا.

http://bit.ly/2yxOgfP