الجمعة، 27 نوفمبر 2020

كافل اليتيم

 

الجمعة 27 نوفمبر 2020م


خاطرة الجمعة /٢٦7

(كافل اليتيم)

 

قصة اليوم كتبها معلم للصف الأول الابتدائي ونشرها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة، كتب يقول: كانت الحصة في مادة القراءة، بدأ الطلاب يعملون في حل تدريبٍ كتابي، انتهى البعض، بدأتُ أتجول بينهم أُصوِّب لمن انتهى منهم من الحل. كنتُ وما زلتُ صاحب مسبحةٍ لا تفارق جيبي ولا يدي منذ فترةٍ طويلةٍ، وبينما كنتُ منحنياً للتصويب لأحد الطلاب إذ بالمسبحة قد ظهر جزءٌ منها من فتحة جيبي، أحسستُ بمن يعبث بها ويلامسها بأصبعه الصغير، لم ألتفت والتزمتُ وضعيتي، أطلتُ التدقيق في التصويب، ونظرتُ نظرةً من تحت يدي فشاهدتُ أحد الطلاب يداعب المسبحة العالقة من فتحة جيبي ويتبسم بهيامٍ غريب! اعتدلتُ وأخرجتُ السبحة بهدوء؛ ووضعتها بحجره دون أن ألتفت إليه، ثم اتجهتُ إلى السبورة وعدتُ للشرح، وطلبتُ من الصغار تجهيز أنفسهم لفسحة الإفطار. لمحتُ الصغير، وإذا به قد وضع المسبحة فوق الطاولة بين يديه؛ يدلكها بقوةٍ ثم يشمها ويُسبِّل لها بعينيه البريئتين الجميلتين! تعجبتُ من تصرفه، ولم أرغب أن يراني أرقبه. قُرع جرس نهاية الحصة؛ وبدأ الأطفال يتوافدون إلى الخارج، وطفلي صاحب المسبحة باقٍ في مكانه ويفعل ما كان قد فعله! لم أنظر إليه؛ تشاغلتُ بترتيب الصف والسبورة، تقدم الطفل إليّ وقال: "أبي" توقف ثم قال: "أستاذ، سِبْحتك"! مددتُ يدي لأخذها، وأثناء شكري له أمسك يدي وقبَّلها وقال: "أنا أحبك يا أستاذ"! نزلتُ له جاثياً على ركبتيّ وقبلتُ رأسه وقلتُ له: "وأنا أحبك" وحضنته؛ فإذا بقلبه يخفق! خرج من الصف، وخرجتُ بعده، وأفكارٌ كثيرةٌ تدور في ذهني؛ أن يقول لك طفلٌ صغيرٌ: "أحبك" فهذا شرفٌ كبيرٌ لا زيف أو نفاق فيه، كلمةٌ تعادل عندي مديح المدير، ودرجة الأداء الوظيفي بامتياز، وتقدير المشرف التربوي بالثناء العطر، وتكريم مدير التعليم بالتميز، وتتويج الوزير بالإتقان!

بدأتُ أُفتش عن ملف هذا الطفل؛ وجدتُ ملفه وفتحته، وصلتُ إلى دفتر العائلة، صورة الأب لم تكن موجودة، وخُتم مكانها بخاتم «متوفَى»! إنه السر إذن. علمتُ لاحقاً أن والد الطفل كان قد تُوفي قبل دخوله المدرسة بشهرٍ واحدٍ إثر حادث مروريٍ وهذا الطفل اليتيم ابنه الأول. كان الطل يتمنى أن يشاركه والده تجربته المدرسية فغيبته أقدار الله عنه، فكان الطفل يبحث عن أبٍ بديلٍ يعوضه حنان الأب الذي غاب عنه.

ذلك الموقف غيَّر مسار حياتي المهنية وعلاقاتي الإنسانية؛ بتُ أؤمن بأن التربية قيمةٌ ورسالةٌ عظيمةٌ وليست مجرد مهنة. بعد ذلك الموقف بدأتُ أعزز هذا الطفل الصغير بالملامسة والسلام ومسح الرأس والربت على ظهره، واعتدتُ أن أقف بقربه في طابور الصباح، وأتابعه في اليوم الدراسي كاملاً، وأتفقده في جميع المواد.

نجح الطفل وانتقل إلى الصف الثاني، ومع ذلك حين كان يلعب كرة القدم في حصة التربية الرياضية وضربه أحد زملائه انطلق باكياً وتعدى معلم التربية الرياضية الذي كان يُحكِّم المباراة ودخل إلى غرفة المعلمين واتجه نحوي ودموعه تسيل من عينيه وقال: "فلانٌ ضربني"، فقلتُ له: "ليس له حق"، فقال: "قُم واحسب لي بلنتي «ضربة جزاء»"! فقلتُ: "أبشر"، وخرجتُ معه إلى الملعب، وأعلنتُ احتجاجي عند الحكم؛ معلم التربية الرياضية، وهددته بأني سوف أطالب بحكمٍ أجنبيٍ في المباراة التالية؛ فامتثل لحماسي، جزاه الله خيراً، وأخذتُ الصافرة وأعلنتُ عن بلنتي بأثرٍ رجعيٍ، سدد صغيري الكرة، ودوت صافرتي التي سمعها كل من في الحي معلنةً الهدف، وكنتُ أول من صفق له بحرارة!

اجتاز صغيري الآن المستوى الثالث في كلية اللغة العربية في الجامعة.

لن أنساك يا "ماجد"؛ فأنتَ -بعد فضل الله- من ألنتَ قساوة قلبي وعلمتني كيف يجب أن يكون ميدان التربية والتعليم ميداناً لكل صاحب ضميرٍ حي.

لكن القصة لم تنتهِ بعد!

فقد قرأ "ماجد" ما كتبه أستاذه، وعلق عليه بما يلي: أستاذي الكريم، يتناقل الناس رسالتك عبر وسائل الاتصال الحديثة. ووصلت رسالتك إليَّ -كغيري من الناس- فقرأتها وأنا أسترجع ألم تلك المرحلة؛ طفلٌ يتيمٌ فَقَدَ والده وهو في أشهره الأولى، شبَّ ودرج عند أخواله، لم يعرف قاموسه اللغوي عباراتٍ كان يرددها أقرانه، حينما يتشاكس أحدهم مع غيره تنهمر دموعه ويقول: "واللهِ لأخبر أبي". مرت السنوات ووالدتي -جزاها الله خيراً- تقوم بدورين؛ دور الأم ودور الأب معاً. في أول يومٍ دراسيٍّ أمسكت والدتي بيدي وذهبنا إلى المدرسة وهي تُهمهم طوال الطريق، لم أفقه من همهمتها إلا "الذي لا تضيع ودائعه"، ودعتني عند باب المدرسة ورجعت إلى البيت. في تلك السنوات كان الأسبوع التمهيدي في أول سنوات تطبيقه، وكل طفلٍ بجواره والده يشجعه إلا أنا، دخلتُ المدرسة لأول مرةٍ ووقفتُ وحيداً لا أدري ما الله صانعٌ بي، لكن ما كانت تُهمهم به والدتي بدأ مفعوله؛ سار نحوي رجلٌ وأخذ بيدي، سألني عن اسمي فأجبته، سألني عن والدي أين هو؟ وببراءة الطفولة قلتُ: "ليس عندي أب؛ تقول أمي إنه مسافر"، كتب اسمي على بطاقةٍ وعلقها على صدري وهو يبتسم لي، كان ذلك الرجل هو أنت أستاذي الكريم! كنتَ تظن أنَّ بداية قصتي معك هي المسبحة، لا واللهِ إنَّ البداية كانت مع أول لقاء؛ فالانطباع الأول هو الذي يترسخ بالذهن سواءً كان انطباعاً جميلاً أم قبيحاً، وهذا الانطباع يصعب تغييره مهما حاولنا ترميم ما حدث في أول لقاء. أما قصة المسبحة فهي واحدةٌ من حيل الطفولة التي كنتُ أحتال بها عليك حينما أشعر بحاجتي إلى جرعةٍ من أبوتك! سأفصح لك -بعد كل تلك السنوات- عن بعض سيرتي معك: كنتُ أتعمد أحياناً الوقوع في الخطأ في درس الكتابة، مع معرفتي الجيدة لها، وأقوم من مقعدي وأتجه إليك في مكانك لأسألك عن صحة ما كتبتُ، مع يقيني أنَّ ما كتبتُه كان صحيحاً! وكم من يومٍ حطمتُ سن قلم الرصاص متعمداً كي أقوم بإصلاحه بالبراية الكبيرة المثبتة في زاوية مكتبك! صنعتُ ذلك كله من أجل أنْ أقترب منك فأشعر بدفء حرارة أبوتك وحنانك!

ختاماً: يا والدي العزيز، درستُ على يد أساتذةٍ كُثُر من المرحلة الابتدائية مروراً بالمرحلتين المتوسطة والثانوية وأخيراً في المرحلة الجامعية، وصورتك الجميلة ما تزال ماثلةً أمام عينيّ، وكلماتك الأبوية وقودٌ لمواصلة مشوار الحياة. أسأل الله أنْ يرزقك الفردوس الأعلى من الجنة لوقوفك معي وتشجيعك لي.

التوقيع: تلميذك بل ابنك "ماجد".

 

أحبتي في الله .. كم كانت معاملة هذا المعلم لتلميذه اليتيم حانيةً مفعمةً بالمحبة والأبوة الصادقة. وكم كان شعور هذا التلميذ اليتيم -عندما كبر- يفيض بالوفاء والعرفان بالجميل لأستاذه الفاضل.

هكذا يعلمنا ديننا الحنيف أصول التعامل مع اليتامى، والثواب العظيم الذي ينتظر (كافل اليتيم)؛ يقول أهل العلم إن عشرات النصوص من الكتاب والسنة تعرض لليتامى، وتبين حقوقهم، وتلزم المجتمع برعايتهم. إن من يكفل يتيماً يتذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام ذاق اليُتم مثله ويؤمَر بعدم قهره؛ يقول تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ ثم يقابلها بقوله: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾، وفي ذلك تسليةٌ لليتامى، وإغراءٌ لكافليهم بأنهم يكفلون من عاشوا طفولتهم عيشة النبي عليه الصلاة والسلام فلا يؤذونهم ولا يقهرونهم. وقهر اليتيم بقولٍ أو فعلٍ ليس من أخلاق المؤمنين، بل هو من أخلاق المكذبين؛ يقول تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ وهذه الآية تجعل الراعين لليتامى على حذرٍ شديدٍ من دَعِّهم، وهو دفعهم وقهرهم، بل وتدعو الآيات القرآنية إلى إكرام اليتيم بالقول الطيب والمعاملة الحسنة، وتذم من لا يفعلون ذلك به؛ يقول تعالى: ﴿كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ﴾. وأكثر شيءٍ يُؤذَىٰ فيه اليتيم، ويتكرر وقوعه في الناس هو أكل ماله؛ لأنه صغيرٌ لا يعرف حفظ ماله ولا الدفاع عن حقه، ولا منع المعتدي عليه؛ لذا ورد في القرآن النهي عن العبث في مال اليتيم، أو المخاطرة به، وعبر عن النهي بأبلغ عبارةٍ وهي النهي عن قربانه؛ يقول تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾. كما بيَّن الله تعالى العقوبة الشديدة على من يتخوضون في مال اليتيم؛ يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ وكأن الصحابة رضي الله عنهم فزعوا من مال اليتيم بعد هذه الآيات، وخافوا أن يقع منهم تفريطٌ غير مقصودٍ فيتناولهم هذا الوعيد، فسألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك؛ يقول تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾. وإذا كبر اليتيم وطلب ماله اُختبر فأُعطي شيئاً من ماله، فإن أحسن التصرف دُفع له ماله كله؛ يقول تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾. ووصى الله ولي اليتيم إن كان غنياً ألا يأخذ على تربية اليتيم شيئاً، وإن كان فقيراً فليأكل معه بالمعروف؛ يقول تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾، ويقول تعالى: ﴿وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾ أي أن تقوموا على مصالحهم الدينية والدنيوية بالعدل. وإطعام اليتيم أولى من إطعام غيره؛ يقول تعالى: ﴿إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ﴾، وأثنى الله تعالى على عباده المقربين بجملة أوصافٍ منها: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾. وقرن الله الإحسان لليتيم وبر الوالدين وصلة الأرحام بتوحيده؛ يقول تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى﴾، وجعل إيتاءهم المال من البِر؛ يقول تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى﴾، ورغَّب في الإنفاق عليهم؛ يقول تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى﴾. إن أمر اليتيم عظيمٌ في القرآن، وقد أخذ الله تعالى الميثاق على بني إسرائيل بأن يُحسنوا لليتامى؛ يقول تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى﴾. ومن عجيب عناية الله تعالى بالأيتام أن سخَّر عبداً صالحاً يركب البحر، ويقطع البر؛ ليصل قريةً فيقيم فيها جداراً ليتيمين لهما مالٌ تحته لئلا يضيع مالهما؛ يقول تعالى: ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾.

 

وعن (كافل اليتيم) قال النبي صلى الله عليه وسلم: [أنَا وكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ] وأشار بأصبعيه، يعني السَّبَّابة والوسطى. وقال عليه الصلاة والسلام: [مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ]. كما قال لرجلٍ أتى إليه يشكو قسوة قلبه: [أَتُحِبُّ أنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، وتُدْرِكَ حَاجَتَكَ؟ ارْحَمِ اليَتِيمَ، وامْسَحْ رَأسَهُ، وأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ؛ يَلِنْ قَلْبُكَ، وتُدْرِكْ حَاجَتَكَ]. وحذَّر صلى الله عليه وسلم مِن ظُلم اليتامى وأكل حقِّهم، فقال: [اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ...] ومن بينها قال: [وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ]. كما قال صلى الله عليه وسلم مُرغِّبًا في إنفاق المال على اليتيم: [... وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ، وَالْيَتِيمَ، وَابْنَ السَّبِيلِ...].

 

أحبتي .. هذه بعض حقوق اليتيم، مَن كان منا لديه يتيمٌ يكفله ولا ينتقص حقوقه فهو محظوظٌ؛ فإن (كافل اليتيم) له الجنة بإذن الله. ومَن منا ليس لديه يتيمٌ فليسْعَ إلى كفالة أحد الأيتام -من الأقارب كان أو من غيرهم- ورعايته، ويُقدِّم له حقوقه كاملةً، ويُحسن إليه ابتغاء وجه الله فيكون من الصالحين المتقين في الدنيا، الفائزين بجنة النعيم في الآخرة.

يقول الشاعر:

يا كافلَ الأيتامِ، كفُّكَ واحةٌ

لا تُنْبِتُ الأشواكَ والزَقوما

ما أَنْبَتَتْ إلّا الزُّهورَ نَديَّةً

والشِّيحَ والرَّيْحانَ والقَيْصُوما

أَبْشِرْ فإنَّ الأَرْضَ تُصبحُ واحةً للمحسنينَ، وتُعلنُ التكريما

أَبْشِرْ بصحبةِ خيرِ مَنْ وَطىءَ الثرى

في جَنَّةٍ كَمُلَتْ رضاً ونَعيما

اللهم اجعلنا ممن يرعى اليتامى، ويعطف عليهم، ويُحسن إليهم، ويهتم بشئونهم، ويصلح أحوالهم.

 

https://cutt.ly/Ehf9JrE