الجمعة، 4 سبتمبر 2020

وبالوالدين إحسانا

 

الجمعة 4 سبتمبر 2020م


خاطرة الجمعة /255

(وبالوالدين إحسانا)

 

قصةٌ حقيقةٌ حدثت في إحدى دول الخليج العربي رواها أستاذٌ جامعيٌ لطالباته، قال الأستاذ:

كان ذلك في تلك الأيام الخوالي في منتصف السبعينيات، وفي أحد أيام الصيف الحارة، حيث الرطوبة والحرارة التي لا تُطاق، والعرق المتصبب بغزارة، والمناخ القائظ، والهواء الملتهب، فلا يتحمل أحدنا البقاء خارج الغرف مكيفة الهواء اتقاء حرارة الشمس اللاهبة في أشهر الصيف الطويلة. في ذلك اليوم توقفت سيارة أجرةٍ في حيّنا، ونزلت منها امرأةٌ شابةٌ تلف جسدها بعباءةٍ طويلةٍ، وتتشح بحجابٍ أبيض ناصع البياض غطى نصف شعرها الأسود الداكن، ثم نزلت بعدها مباشرةً امرأةٌ طاعنةٌ في السن بلغت على ما يبدو للعيان الثمانين عاماً، وقد اتكأت على عكازٍ مهترئٍ كأنه العُرجون القديم، وبرجلين نحيلتين وبجسدٍ ناحلٍ وضامرٍ سكنته الأمراض، أمراض الشيخوخة والكِبَر، وقد انحنى ظهرها واحدودب إلى الأمام.

تساءلتُ وقتها بيني وبين نفسي: مَن هذه السيدة الشابة؟ ومَن تلك المرأة العجوز؟ ولماذا جاءتا إلى حيّنا المتواضع؟

كنتُ حينذاك صغيراً في السن، ألعب مع أترابي على قارعة الطريق العام، وقد شدني هذا المشهد وأدهشني. علمتُ فيما بعد من هما هاتان السيدتان؛ لقد كانت السيدة الشابة ابنة تلك المرأة العجوز، وقد جاءت إلى حيّنا لتسَّكنها في حجرةٍ قديمةٍ مستأجرةٍ تُطل على أحد الشوارع الفرعية في ذلك الحي القديم، وهذه الحجرة بالذات كانت في الزمن البعيد قبراً لصاحبها الذي أوصى قبل مماته بأن يُدفن فيها، وقد حقق أهالي الحي رغبته فدفنوه فيها، بعدما عاش جُل حياته بين جدرانها، مرافقاً للعوز والفقر والحاجة. فجاءت هذه المرأة لتسكن فيها من جديد، ويا ليت هذه الحجرة كانت صالحةً للسكن، فقد كانت تفتقر إلى الخدمات العامة من ماءٍ وكهرباء؛ فإذا حلّ الليل حلّ معه الظلام الدامس وأشباح الموتى وأرواحهم، كما كانت رائحة الحجرة نتنةً لقذارة المكان ووساخته.

أما لماذا أسكنت تلك المرأة الشابة أمها في هذه الحجرة المتواضعة؟ فقد كان السبب هو في طلب الخلاص من عناء رعاية الأم الطاعنة في السن والتخلص من شكاواها من أمراضها العديدة، وذلك بعدما اتفقت الابنة الشابة وزوجها على استئجار هذه الحجرة لهذه الأم المسكينة. ولم يكن يومها في تلك الدولة الخليجية دُورٌ للعجائز والشيوخ وكبار السن ممن عقهم الأبناء والبنات.

لقد رأيتُ هذه المرأة العجوز تجلس كل يومٍ على عتبة الحجرة وتمد يدها للتسول من المارة من الصباح حتى الظهيرة، وكل ما تجمعه تسلمه لصاحب الحجرة ومالكها، وهي في الواقع قروشٌ قليلةٌ لا تُسمن ولا تُغني من جوع. وقد تكفلت أسرتي بتقديم وجبتي الغداء والعشاء لها، أما طعام الإفطار، والذي نسميه نحن أهل الخليج " الريوق"، فقد كانت تأتي به بنتٌ صغيرةٌ من أسرةٍ أخرى في حيّنا.

مضت الأيام على هذه الوتيرة إلى أن جاءت ليلةٌ شديدة الحر، حيث دخلت العجوز حجرتها وأقفلت بابها بالمصراع الخشبي المعروف آنذاك، ويا ليتها ما فعلت ذلك؛ فقد اشتد عليها الحر والرطوبة والظلام، وسمع الرجال الخارجون من مسجد الحي أنيناً كأنين المكلوم ينبعث من تلك الحجرة، وللأسف لم يتحرك أحدٌ لإنقاذ هذه العجوز مما هي فيه من عناءٍ وابتلاء، إلى أن أصبح الصباح وجاءت البنت الصغيرة كعادتها وهي تحمل صينية الإفطار، وطرقت الباب مراتٍ عدة، ولكن لم يُفتح لها، فأخبرت أمها فجاءت مسرعةً واستعانت بأحد المارة في فتح الباب، فوجدوا المرأة العجوز ساقطةً على وجهها وهي مشرفةٌ على الهلاك وقد احمَّر جسدها الناحل الضعيف، فنقلوها إلى المستشفى، وهناك بقيت أسبوعين، وقال الطبيب الذي أشرف على علاجها: "إذا عادت إلى نفس الحجرة فإنها سوف تموت حتماً"، ولكن ما الحيلة وقد هجرتها ابنتها العاقة ولا نعرف أحداً من ذويها؟ لذلك رجعت العجوز إلى نفس الحجرة وإن شئتَ فقل: إلى نفس القبر!

وما هي إلا ثلاثة أيام حتى تكررت نفس المأساة، فلما كُسر الباب عليها وجدوها ميتةً، وقد انكبت على وجهها بعدما عجزت عن فتح الباب لتظفر بنسمة هواءٍ نقية. وحملها أهل الحي إلى مثواها المحتوم، وهم يترحمون عليها ويستغفرون لها، ويصبون لعناتهم القاسية على ابنتها العاقة.

وكنتُ ممن شيّعوا جنازتها إلى المقبرة، ولكنني كنتُ أقول: ما أقسى هذه الحياة، وما أقسى ما فيها، لقد تحجرت الرحمة في قلوب الناس حتى تركوا هذه المسكينة تموت بهذه الصورة البشعة دون أن يقدموا لها شيئاً، وكان بإمكانهم أن يوصلوا لها الماء والكهرباء، وأن يضعوا لها مكيف هواء، ولكنهم لم يفعلوا، فماتت بهذه الطريقة، وذهبت إلى ربها لتشتكي إليه عقوق الأبناء وموت الرحمة في قلوب الناس. ألا ما أقسى هذه الحياة.. ألا ما أقسى هذه الحياة.

بهذه الكلمات المؤلمة والحزينة ختم الأستاذ الجامعي حديثه لطالباته الباكيات، وقد تفجر الدمع من أعينهن، أما هو فقد جلس على الكرسي ليمسح عن عينيه بقايا دموعٍ غلبته وفرت من مقلتيه، وهو يدعو للعجوز بالرحمة والغفران.

 

أحبتي في الله .. إذا كان موقف الرجال الخارجين من مسجد الحي غريباً ومستهجناً وهم يسمعون أنيناً كأنين المكلوم ينبعث من حجرة العجوز ولم يتحرك منهم أحد! فإن الأكثر غرابةً والأولى بالاستهجان هو موقف الابنة الشابة من أمها؛ أهكذا يكون البر بالأم؟ ألم تقرأ هذه الابنة الشابة ولو آيةً واحدةً من آيات القرآن الكريم التي تحث على البر بالوالدين والإحسان إليهما؟ ألم تتأثر بعبارة (وبالوالدين إحسانا)؛ يقول تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، ويقول سبحانه: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، كما يقول: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾، ويقول أيضاً: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، ويقول كذلك: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ . وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾، كما يقول: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾، وغيرها من آياتٍ كريمةٍ تحث على البر بالوالدين والإحسان إليهما، مع التركيز على الأم على وجه الخصوص.

ألم تقرأ تلك الابنة العاقة أياً من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على البر بالوالدين، وتخص الأم بمزيدٍ من البر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ]، قيلَ: مَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: [مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ]. وقال صلى الله عليه وسلم: [رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، وسخطُهُ في سخطِهما]. وسأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسولَ اللَّهِ، مَن أحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: [أُمُّكَ]، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: [ثُمَّ أُمُّكَ]، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: [ثُمَّ أُمُّكَ]، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: [ثُمَّ أبُوكَ]. وعندما سُئل صلى الله عليه وسلم عن أحب العمل إلى الله، قال: [الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا]، قيل: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: [برُّ الوَالِدَيْنِ]، قيل: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: [الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ]. وجاء رَجُلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، واستأذَنَه في الجهادِ، فقال له صلى الله عليه وسلم: [أحَيٌّ والداكَ؟]، قال: نعمْ، قال: [ففيهما فجاهِدْ]. وجاء رجلٌ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ؟ فقالَ: [هل لَكَ مِن أُمّ؟]، قالَ: نعَم، قالَ: [فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها]. وقال صلى الله عليه وسلم: [الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنَّ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه]. وقال صلى الله عليه وسلم: [ألا أحدِّثُكم بأَكبرِ الكبائرِ؟]، قالوا: بلى يا رسولَ اللَّهِ، قال: [الإشراكُ باللَّهِ، وعقوقُ الوالدينِ]. وقال عليه الصلاة والسلام: [وأطِعْ والدَيْكَ، وإنْ أمراكَ أنْ تخرجَ مِن دُنياكَ، فاخرجْ لهُما]. وقال صلى الله عليه وسلم: [أنتَ ومالُكَ لوالدِكَ، إنَّ أَولادَكم مِن أطيَبِ كَسبِكم، فكُلوا مِن كَسبِ أَولادِكم]. وغير ذلك من أحاديث نبوية شريفة التي يدور معناها حول (وبالوالدين إحسانا).

 

يقول أهل العلم إن البر بالوالدين معناه طاعتهما، وإظهار الحب والاحترام لهما، ومساعدتهما، والإحسان إليهما، وفعل الخيرات لهما. وقد جعل الله لبر الوالدين والإحسان إليهما منزلةً عظيمةً لا تعادلها منزلة؛ بذكر ذلك بعد الأمر بعبادته سبحانه وتعالى، وقد جعل برهما والإحسان إليهما فرضاً عظيماً، وأمر بالعمل على رضاهما، بكل وسيلةٍ ممكنةٍ بالجهد والمال، والحديث معهما بكل أدبٍ وتقديرٍ، والإنصات إليهما عندما يتحدثان، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما. إن الوالدين نعمةٌ عظيمةٌ على الإنسان، فما أجمل أن يُمتِّع الإنسان نظره بوالديه وهما على قيد الحياة، ويسمع نصحهما، ويستفيد من توجيههما في حياته، وعلى الأبناء شكر الله على هذه النعمة، والإحسان وردّ الجميل لوالديهما. إن بر الوالدين يأتي على رأس قائمة الأعمال السامية الشريفة التي حثَّت عليها الفطرة الإنسانية السليمة، والتي أكدتها الديانات السماوية كلها، وذلك لما لهما من فضلٍ عظيمٍ لا يستطيع ذو عقلٍ إنكاره، فهما مَن يرعيان الإنسان منذ الصغر، ويقفان إلى جانبه في سائر مراحل حياته.

وفي بر الأم تقرُّبٌ من الله تعالى، وفي عقوقها عصيانٌ له سبحانه، ومن هنا فإن الإنسان الكيِّس يُعِّد العدة للقاء الله تعالى، ويحرص كل الحرص على نيل رضا والدته، وعدم إغضابها، أو رفع الصوت عليها، وتلبية كل رغباتها مهما كانت. بر الأم واجبٌ حتى لو كانت غير مسلمةٍ؛ فقد أكد الشرع على ضرورة الإحسان إليها، ونيل رضاها مهما كان دينها، وفي ذلك منتهى الإنسانية، فحب الإنسان لأمه فطريٌّ، ولا يمكن لإنسانٍ عاقلٍ سليم الفطرة أن يتنكَّر لأمِّه لسببٍ أو لآخر.

 

قال الشاعر:

العَيْـشُ مَاضٍ فَأَكْـرِمْ وَالِدَيْـكَ بِـهِ

والأُمُّ أَوْلَـى بِـإِكْـرَامٍ وَإِحْـسَـانِ

وَحَسْبُهَا الحَمْـلُ وَالإِرْضَـاعُ تُدْمِنُـهُ

أَمْـرَانِ بِالفَضْـلِ نَـالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ

 

أحبتي .. تهزني من الأعماق عبارةٌ قرأتها تقول: "تستطيع الأم العناية بعشرة أبناء، لكن أحياناً عشرة أبناءٍ لا يستطيعون العناية بأمٍ واحدة!"، اللهم لا تجعلنا من هؤلاء الأبناء، ولا تجعل أبناءنا منهم.

هذه دعوةٌ إلى كل مَن كان والداه أحياءً: احمد الله على هذه النعمة، وأحسن إليهما وبرهما، واحذر أن تفوتَك هذه الفرصة؛ بادر بالبر، واطرح العقوق والهجر، وأحط أمك بمزيدٍ من الرعاية والبر والإحسان. وليكن شعارنا جميعاً (وبالوالدين إحسانا) عسى أن يكون برنا بهما سبباً في رضا المولى عزَّ وجلَّ؛ فنكون من الفائزين المفلحين في الدنيا والآخرة. ولنربي أبناءنا على البر بالوالدين والإحسان إليهما، ونكون قدوةً لأبنائنا بأفعالنا في هذا المجال؛ فينشأ جيلٌ جديدٌ لا يرمي بآبائه في الشوارع، ولا يوُدعهم دُور المسنين، بل يرعاهم ويُكرمهم إلى آخر أيام حياتهم.

ومن تُوفي والداه فيستمر في برهما بعد وفاتهما بالصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصل إلا بهما، وإكرام صديقهما من بعدهما، وذلك كما علمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.

اللهم ارزقنا بِر والدينا أحياءً وأمواتاً، واهدنا، واهدِ بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى.

 

https://tinyurl.com/y5c9cne5