الجمعة، 3 يونيو 2016

توبوا إلى الله

3 يونيو، 2016م
خاطرة الجمعة /٣٤

(توبوا إلى الله)

عقب نشر خاطرة الجمعة السابقة، وكانت بعنوان (التخفف من الذنوب)، وصلني تعقيب من أخ عزيز فضلت نشره كما وصلني، وإليكم هذا التعقيب:
# ‏أخي الفاضل انتهيت للتو من قراءة خاطرة الجمعة التي أواظب على قراءتها دائماً. ولا أدري لماذا استحوذت على ذهني فكرة واحدة بعد أن أنهيت القراءة، أيهما أهم؟ التخفف من الذنوب أم التوبة عنها؟ وأحسست بالميل إلى فكرة أن التوبة تجب التخفف من الذنوب وليس العكس، ففكرت في الكتابة إليك عما دار في خلدي، وها أنا أفعل.
أخي الفاضل يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، ويقول عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾، كما يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، ويخاطب كل من أراد التوبة وأحس أن ذنوبه أكثر من أن تُغفر: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ ، حقاً إنه هو الغفور الرحيم ﴿لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾. وفي الحديث القدسي: [يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة]. قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: [إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها[، وقال صلى الله عليه وسلم: [التائب من الذنب كمن لا ذنب له].
أمر الله تعالى بالتوبة النصوح قال عز من قائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾، قال بعض العارفين: النصوح: "الصادقة الخالصة"، وهي التي "تنصَحُ صاحبها بتَرْك العَود إلى ما تاب عنه"، وهي "أن يُبغِض الذنبَ الذي أحبه، ويستغفر منه إذا ذكره". وهي "الندمُ بالقلب، والاستغفار باللسان، والإقلاع بالبدن، والاطمئنان على ألا يعود".
أخي .. أرجو أن تطلب من قرائك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم الاكتفاء بتخفيف الذنوب، قل لهم (توبوا إلى الله)، وبين لهم أن من شروط التوبة الصادقة، إذا كان الذنب بين العبد وبين الله ولا تتعلق بحق آدمي، أن يقلع العبد عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم ألا يعود إليها أبداً، أما إذا كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فعليه أن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً رده إليه، أو قذفاً طلب منه العفو، أو غيبة استحله منها، ونحو ذلك.
وبين لهم أن الاستغفار والمداومة عليه من موجبات التوبة ومغفرة الذنوب، ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ قال عليه الصلاة والسلام: [والله إني لأستغفر اللهَ وأتوب إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرةً]، وقال صلى الله عليه وسلم: [يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه؛ فإني أتوبُ في اليوم مائة مرةٍ]. "والعدد سبعين أو مائة لبيان كثرة الاستغفار".
أخي الفاضل .. أحببت ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك، أن نبدأ مع الله سبحانه وتعالى ومع أنفسنا ومع كل من نعرفهم من أهل وجيران وأصدقاء وزملاء ومعارف صفحة جديدة بعد توبة صادقة مقبولة بإذن الله. والله من وراء القصد #.
أحبتي في الله .. كان هذا واحداً من التعليقات التي وردتني بعد نشر خاطرة الجمعة الماضية، أنشره كما وصلني، مع التأكيد على أهمية الاستفادة من قرب حلول شهر رمضان المبارك لنتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة نصوحاً صادقة لا نعود بعدها إلى المعاصي والسيئات أبداً.
أحبتي .. (توبوا إلى الله)، وأتوه مع بداية شهر رمضان ﴿بِقَلْبٍ سَلِيم﴾ خالٍ من السيئات والمعاصي، نظيفٍ من كل حقد أو غل أو حسد أو كراهية أو ضغينة أو كبر أو غرور، تائبٍ من كل ذنب .. اصدقوا الله نيتكم لتوبة نصوح وتنافسوا في ذلك ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ .. وخذوا بأسباب التوبة بصدق وإخلاص يصدقكم الله وعده؛ إذ يقول سبحانه وتعالى عن جزاء التوبة النصوح: ﴿ ... عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. وهل من جزاء أحب للإنسان من هذا الجزاء؟
نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرة جديدة، إن أذن الله وأمد في أعمارنا.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
https://goo.gl/At2QnG