الجمعة، 11 مايو 2018

أهلاً رمضان/2


الجمعة 11 مايو 2018م

خاطرة الجمعة /١٣٤
(أهلاً رمضان)

اقتربت بداية الشهر الفضيل، وبدأت الفوانيس والأضواء تُطل علينا من كثيرٍ من شرفات المنازل ونراها على مداخل العمارات. يتسابق الناس، وكذلك المحلات التجارية، لتكون الزينات التي يعلقونها هي الأكبر والأجمل والأكثر جذباً للأنظار. وبدأت التهاني بقرب بداية هذا الشهر تنهال على الجميع من خلال حساباتهم على برامج التواصل الاجتماعي.

أحبتي في الله .. عن شهر رمضان الكريم أتحدث، قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.
يقول أهل العلم أن هذا الشهر المبارك موسمٌ للخير والبركة والعبادة والطاعة؛ فهو شهرٌ عظيمٌ، وموسمٌ كريمٌ، تُضاعَف فيه الحسنات، وتَعظُم فيه السيئات، وتُفَتَّح فيه أبواب الجنات، وتُقفل فيه أبواب النيران، وتُقبل فيه التوبة إلى الله من ذوي الآثام والسيئات؛ فعلينا أن نستعد له، وأن نحرص على فعل ما يرضي الله، وبما يُسعدنا يوم نلقاه.
إن الاستعداد لشهر رمضان يبدأ بمحاسبة النفس؛ فقبل أن يقول المسلم (أهلاً رمضان) عليه أن يُقَوِّم سلوكه ليكون في رمضان على درجةٍ عاليةٍ من الإيمان؛ فنمتنع عن كل ما يناقض تحقيق الشهادتين، وذلك بالابتعاد عن البِدَع والإِحداث في الدين، وبأن نوالي المؤمنين ونعادي الكافرين والمنافقين، ونفرح بانتصار المسلمين على أعدائهم، ونستن بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، ونحبها ونحب من يتمسك بها ويدافع عنها في أي أرضٍ وبأي لونٍ وجنسيةٍ كان. بعد ذلك نحاسب أنفسنا على التقصير في فعل الطاعات؛ كالتقصير في أداء الصلوات جماعةً، وذِكر الله عز وجل، وأداء الحقوق للجار وللأرحام وللمسلمين، وإفشاء السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق. ثم تكون المحاسبة على المعاصي واتباع الشهوات بمنع أنفسنا من الاستمرار عليها، صغيرةً كانت أو كبيرةً، بالعين أو بالسمع كانت أو بالمشي أو البطش باليدين فيما لا يرضي الله عز وجل، أو بأكل ما حرم الله من الربا أو الرشوة، أو غير ذلك من المعاصي. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا ثُمَّ تَمَنَّى عَلَى اللَّهِ].
بهذه المحاسبة وبالتوبة والاستغفار يجب علينا أن نستقبل رمضان ونحن مستبشرون برحمة الله ومغفرته؛ قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، وقال تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾.

وشهر رمضان خير الشهور: ففيه خير ليلةٍ من ليالي السنة، وهي ليلة القدر؛ قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، والعبادة في هذه الليلة خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ. وفيه أُنزلت أفضل الكتب على أفضل الأنبياء عليهم السلام؛ قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾، وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ . أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾. وفيه تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب جهنم وتُصفَّد الشياطين؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَاب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ]. وفيه كثيرٌ من العبادات، بعضها لا توجد في غيره؛ كالصيام والقيام وإطعام الطعام والاعتكاف.

يقول أهل العلم أن فهم كثيرٍ من الناس لحقيقة الصيام قد انحرف؛ فراحوا يجعلون من شهر رمضان موسماً للأطعمة والأشربة والحلويات والسهرات والفضائيات، واستعدوا لذلك قبل شهر رمضان بفترةٍ طويلةٍ؛ خشيةً من نقص بعض الأطعمة؛ أو ارتفاع أسعارها، فاستعد هؤلاء بشراء الأطعمة، وتحضير الأشربة، والبحث في دليل القنوات الفضائية لمعرفة ما يتابعون وما يتركون من مسلسلاتٍ، وقد جهلوا حقيقة الصيام في شهر رمضان، فسلخوا العبادة والتقوى عنه، وجعلوه لبطونهم وعيونهم. وانتبه آخرون لحقيقة صيام شهر رمضان ولمعنى (أهلاً رمضان) فراحوا يستعدون له من شعبان، بل بعضهم من قبل ذلك.

ومن أوجه الاستعداد المحمود لشهر رمضان:
التوبة الصادقة:
وهي واجبةٌ في كل وقتٍ، لكن بما أن المسلم سيُقْدِم على شهرٍ عظيمٍ مباركٍ فإن من الأحرى له أن يسارع بالتوبة مما بينه وبين ربه من ذنوبٍ، ومما بينه وبين الناس من حقوقٍ؛ ليدخل عليه الشهر المبارك فينشغل بالطاعات والعبادات بسلامة صدرٍ، وطمأنينة قلبٍ. قال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. وعَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ].
الدعاء:
وقد ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهرٍ أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه خمسة أشهرٍ بعدها حتى يتقبل منهم. فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خيرٍ في دينه وفي بدنه، ويدعوه أن يعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله.
الفرح ببلوغ هذا الشهر:
فإن بلوغ شهر رمضان من نِعَم الله العظيمة على العبد المسلم؛ لأن رمضان موسمٌ للخير تُفتح فيه أبواب الجنان وتُغلق فيه أبواب النيران، وهو شهر القرآن، والغزوات الفاصلة في ديننا. قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.
إبراء الذمة من الصيام الواجب:
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ أنها قالت: "كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ". ويؤخذ من ذلك أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر.
التزود بالعلم:
ليقف المسلم على أحكام الصيام، ويعرف فضل رمضان، ويجلس مع أهل بيته من زوجةٍ وأولادٍ لإخبارهم بأحكام الصيام، ويشجع الصغار على الصيام. ويُعِّد بعض الكتب التي يمكن قراءتها في البيت، ويقوم بإهداء بعضها لمكتبة المسجد ليقرأها غيره من الناس.
المسارعة في إنهاء الأعمال:
والمقصود بها الأعمال التي قد تشغل المسلم في رمضان عن العبادات.
الصيام من شهر شعبان:
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ".
قراءة القرآن:
يقال عن شعبان أنه شهر القراء. وكان بعضهم إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن. وقيل: رجبٍ شهر الزرع، وشعبان شهر سقي الزرع، ورمضان شهر حصاد الزرع. وقيل أيضاً: مثل رجب كالريح، ومثل شعبان كالغيم، ومثل رمضان كالمطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسقِ في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟

أنقل لكم أحبتي فيما يلي، بتصرفٍ، جدولاً اقترحه بعض علمائنا الأفاضل ليكون نموذجاً ليوم المسلم في شهر رمضان:
يبدأ المسلم يومه بالسحور قبل صلاة الفجر، والأفضل أن يؤخر السحور إلى آخر وقتٍ ممكنٍ من الليل. ثم بعد ذلك يستعد لصلاة الفجر، فيتوضأ في بيته، ويخرج إلى المسجد قبل الآذان، فإذا دخل المسجد صلى ركعتين تحية المسجد، ثم يجلس ويشتغل بالدعاء أو بقراءة القرآن أو بالذكر حتى يؤذن المؤذن فيردد معه، ثم يقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الأذان، ثم بعد ذلك يصلي ركعتين راتبة الفجر، ثم يشتغل بالذكر والدعاء وقراءة القرآن إلى أن تُقام الصلاة، وهو في صلاةٍ ما انتظر الصلاة. بعد أن يؤدي الصلاة مع الجماعة يأتي بالأذكار التي تُشرع عقب السلام من الصلاة، ثم بعد ذلك إن أحب أن يجلس إلى أن تطلع الشمس في المسجد مشتغلاً بالذكر وقراءة القرآن فذلك أفضل؛ وهو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر. ثم إذا طلعت الشمس وارتفعت ومضى على شروقها نحو ربع ساعةٍ فإن أحب أن يصلي صلاة الضحى، وأقلها ركعتان، فذلك حسنٌ، وإن أحب أن يؤخرها إلى وقت ارتفاع الشمس فهو أفضل. ثم إن أحب أن ينام ليستعد للذهاب إلى عمله، فلينوي بنومه ذلك التَّقوِّي على العبادة وتحصيل الرزق؛ كي يُؤجر عليه إن شاء الله تعالى. ثم يذهب إلى عمله، فإذا حضر وقت صلاة الظهر، ذهب إلى المسجد إذا أمكنه ذلك، مبكراً قبل الأذان أو بعده مباشرةً، وليكن مستعداً للصلاة مُسبقاً فيصلي أربع ركعاتٍ بسلامين، راتبة الظهر القبلية، ثم يشتغل بقراءة القرآن إلى أن تُقام الصلاة، فيصلي مع الجماعة، ثم يصلي ركعتين راتبة الظهر البعدية. ثم بعد الصلاة يعود إلى إنجاز ما بقي من عمله، إلى أن يحضر وقت الانصراف من العمل، فإذا انصرف من العمل فإن كان قد بقي وقتٌ طويلٌ على صلاة العصر يمكنه أن يستريح فيه فليأخذ قسطاً من الراحة، وإن كان الوقت غير كافٍ ويَخشى إذا نام أن تفوته صلاة العصر فليشغل نفسه بشيءٍ مناسبٍ حتى يحين وقت الصلاة فيصلي العصر. ثم بعد العصر إن كان بإمكانه أن يجلس في المسجد ويشتغل بقراءة القرآن فهذه غنيمةٌ عظيمةٌ، وإن كان يشعر بالإرهاق فعليه أن يستريح كي يستعد لصلاة التراويح في الليل. وقبل أذان المغرب يستعد للإفطار، وليشغل نفسه في هذه اللحظات بشيءٍ يعود عليه بالنفع؛ إما بقراءة قرآنٍ أو دعاءٍ أو حديثٍ مفيدٍ مع الأهل والأولاد. ومن أحسن ما يشغل به هذا الوقت المساهمة في تفطير الصائمين؛ إما بإحضار الطعام لهم أو المشاركة في توزيعه عليهم وتنظيم ذلك، ولذلك لذةٌ عظيمةٌ لا يذوقها إلا من جرب. ثم بعد الإفطار يذهب للصلاة في المسجد مع الجماعة، وبعد الصلاة يصلي ركعتين راتبة المغرب، ثم يعود إلى البيت ويأكل ما تيسر له مع عدم الإكثار، ثم يحرص على أن يبحث عن طريقةٍ مفيدةٍ يملأ بها هذا الوقت بالنسبة له ولأهل بيته كالقراءة من كتابٍ أو مسابقةٍ، أو حديثٍ مباحٍ أو أية فكرةٍ أخرى مفيدةٍ تتشوق النفوس لها وتصرفها عن المحرمات التي تُبث في وسائل الإعلام، والتي يُعد هذا الوقت بالنسبة لها وقت الذروة؛ فتجدها تبث أكثر البرامج جذباً وتشويقاً، وإن حَوَت ما حَوَت من المفاسد والمنكرات. ثم استعِد لصلاة العشاء، واتجِه إلى المسجد، فاشتغِل بقراءة القرآن. ثم بعد ذلك أدِ صلاة العشاء، ثم صلِ ركعتين راتبة العشاء، ثم صلِّ التراويح خلف الإمام بخشوعٍ وتدبرٍ وتفكرٍ، ولا تنصرف قبل أن ينصرف الإمام؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: [مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ]. ثم اجعل لك برنامجاً بعد صلاة التراويح يتناسب مع ظروفك وارتباطاتك الشخصية، وعليك مراعاة البعد عن جميع المحرمات ومقدماتها، ومراعاة تجنيب أهل بيتك الوقوع في شيءٍ من المحرمات أو أسبابها بطريقة حكيمةٍ، وأن تشتغل بالفاضل عن المفضول، ثم احرص على أن تنام مبكراً، مع الإتيان بالآداب الشرعية للنوم، وإن قرأت قبل النوم شيئاً من القرآن أو من الكتب النافعة فهذا أمرٌ حسنٌ، لا سيما إن كنت لم تنهِ وردك اليومي من القرآن؛ فلا تنم حتى تُنهه. ثم استيقظ قبل السحور بوقتٍ كافٍ للاشتغال بالدعاء؛ فهذا الوقت، وهو ثلث الليل الأخير، وقت النزول الإلهي، وقد أثنى الله عز وجل على المستغفرين فيه، كما بَشَّرَ الداعين فيه بالإجابة ووعد التائبين بالقبول، فلا تَدَع هذه الفرصة العظيمة تفوتك.

أحبتي .. هذا جدولٌ مقترحٌ مرنٌ يمكن لكل فردٍ أن يُعَدِّل فيه بحسب ظروفه الخاصة. أهم ما فيه الالتزام بالسنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم،
واعلموا أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ، فالإنسان في أول الشهر قد يتحمس للطاعة والعبادة، ثم يُصاب بالفتور، فاحذروا من ذلك، واحرصوا على المداومة على جميع الأعمال التي تؤدونها في هذا الشهر الكريم، وحولوا شعار (أهلاً رمضان) إلى سلوكٍ وعملٍ واجتهادٍ.

نسأل الله عز وجل أن يُنعم علينا بإدراك رمضان، وإتمام صيامه وقيامه، وأن يتقبل منا جميع أعمالنا، ويتجاوز عن تقصيرنا.

نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرةٍ جديدةٍ، إنْ أَذِنَ الله وأمَّدَ في أعمارنا.

هدانا الله وإياكم إلى صالح الأعمال وتقبلها منا.

https://goo.gl/KLtiSd