الجمعة، 3 فبراير 2017

عمارة الوقت

الجمعة 3 فبراير 2017م

خاطرة الجمعة /٦٩
(عمارة الوقت)

مع بداية العطلة الدراسية لنصف العام تُعلَن حالة الطوارئ في البيوت؛ فكم تخفف المدارس أيام الدراسة عن الوالدين عبء رعاية الأبناء طوال الفترة الصباحية. كلُ أسرة قد تعودت على نظامٍ محددٍ يتكرر يومياً طوال أيام الأسبوع عدا أيام الإجازات الأسبوعية والرسمية، ومع ذلك تبدو بعض الأسر وكأنها فوجئت بعطلة منتصف العام الدراسي.
على هذه الخلفية دار حوار بين اثنين من ركاب حافلة نقل عام كنت أستقلها قبل عدة أيام، أهم ما لفت النظر في هذا الحوار عبارة قالها أحدهما: "احترت مع الأولاد، ولا أدري كيف يمكن قتل وقت فراغ هؤلاء الشياطين"، وكان يقصد بالشياطين أبناءه الذين يظهر من حديثه أنهم في مراحل الدراسة الأولى. دعك من لفظ "الشياطين" المستخدم مجازاً للتعبير عن شقاوة هؤلاء الأبناء، لكن توقف معي يا رعاك الله عند كلمة "قتل" التي استخدمت للتعامل مع وقت الفراغ!
يا لها من كلمة صادمة .. "قتل" الوقت؟! .. أهكذا يتعامل بعضنا مع نعمة وقت الفراغ؟
لعقودٍ طويلةٍ استخدم الناس للتساؤل عما يمكن عمله في أوقات الفراغ ألفاظاً مثل "شغل" أو "استثمار" وقت الفراغ .. أو ما سماه ابن القيم قبل عدة قرون (عمارة الوقت) أي بناء الوقت كما لو كان عمارةً تُبنى وتعميره بكل ما هو مفيد، وإلا فعكس ذلك "خراب" الوقت. أما استخدام لفظ "قتل" الوقت فهذا مما لا يمكن استساغته ولا ينبغي استخدامه.
إن وقت الفراغ يُنظر إليه من الاتجاه الغربي المادي على أنه مرادفٌ لمفهوم البطالة؛ فهو وقتٌ خالٍ من أي عمل، أما شريعتنا الإسلامية الغراء فهي تنظر إلى الوقت على أنه هو العمر، والعمر مِلكٌ لله والإنسان مسؤولٌ عنه مستأمنٌ عليه في هذه الدنيا التي حدد الله عز وجل فيها دور الإنسان بوضوح وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾.

أحبتي في الله .. "الوقت" هو مقدارٌ من الزمن، وأما "الفراغ" فهو الخلو من الشغل. ومن هنا فوقت الفراغ لُغوياً يعني: الزمن الذي يخلو فيه الإنسان من الشغل أو العمل. ويعرفه أهل الاختصاص بأنه: "فائض الوقت الذي يحتار الإنسان في كيفية شغله، فقد تكون الكيفية سلبية؛ فتقود إلى نتائج وخيمة، أو إيجابية فتؤدي إلى فائدة الفرد ومحيطه".
أما في المفهوم الإسلامي فإن وقت الفراغ هو نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى، على الإنسان أن يُحسن استخدامها؛ قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْت فَانْصَبْ وَإِلَى رَبّك فَارْغَبْ﴾، والمقصود إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك. إن نعمة الوقت من النعم العظيمة التي امتن الله بها على عباده، حتى أقسم الله تعالى ببعض الوقت فقال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَالْفَجْرِ﴾، وقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾، وقال تعالى: ﴿وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾، فأقسم سبحانه وتعالى بهذه الأوقات في كتابه الكريم، لأهمية الوقت وبركته.
وهذا حديث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول: [نعمتانِ مغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس الصِّحَّة والفراغ] والمغبون هو الخاسر في بيعه أو شرائه. فالفراغ هو وعاء الزمن الذي يمكن للإنسان أن يستفيد منه في أشياء كثيرة ومتعددة وإلا ظل هذا الوعاء فارغاً ومضت أيامه وساعاته ودقائقه دون الاستفادة منها.
يلخص الحسن البصري هذه الحقيقة بكلماتٍ بليغةٍ فيقول: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يومٌ ذهب بعضُك".
قد يتساءل أحدهم قائلاً: "هذا وقتي وأنا حرٌ أفعل فيه ما أشاء، هل هناك من يحاسبني عليه؟"، الإجابة واضحةٌ بينةٌ في حديثٍ شريفٍ يوضح أن جميع البشر سيحاسبون عن أعمارهم، التي هي مجموع أوقاتهم، فيما أفنوها؛ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: [لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عَن عُمُرِه فيما أفناهُ، وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ، وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ]. وفي رواية: [.. وعن شبابه فيما أبلاه ..].  
يقول أهل العلم أن الأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ، بمعنى عدم العمل، لا للدنيا ولا للآخرة، فحياة المسلم كلها عبادة، فهو مطالبٌ بملء الوقت كله في عبادة الله، بمعناها الشمولي العام لجميع جوانب الحياة. ولعل أبلغ من عرَّف العبادة بمعناها الشامل ابن تيمية حيث قال: "العبادة اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة لا بمعناها الضيق، أو كما يفهمه بعض الناس بقصرها على أداء بعض العبادات، كالصلوات والصيام والزكاة والحج والعمرة، ونحو ذلك من الأفعال التعبدية الظاهرة فقط". ومن هنا تصبح جميع جوانب حياة المسلم تعبدية إذا اقترنت بالنية الصالحة، في العمل، أو الفكر، أو السكون، أو الحركة، أو الجد، أو المرح، أو القتال، أو اللهو، أو الأكل، أو الشرب، أو النوم، أو العِلم، أو غيرها من الأعمال، حتى في الجماع مع الزوجة، فقد ورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [وَفِي بِضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ يَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: [أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلالِ كَانَ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ]. وهذا ما عبر عنه ابن القيم في معرض حديثه عن كيفية عمارة المسلم لوقته، فقال: "إن (عمارة الوقت) تكون بالاشتغال في جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله وتجنب ما يسخطه، كانت من (عمارة الوقت)، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تُحسب (عمارة الوقت) بهجر اللذات والطيبات". وقال: "إن السَنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة؛ فثمرته شجرة طيبة، ومن كانت أنفاسه في معصية؛ فثمرته حنظل". وقال أحد الصالحين: "إن الليل والنهار رأس مال المؤمن، ربحها الجنة، وخسرانها النار".
كسب الوقت إذن والاستفادة منه بدلاً من تضييعه فريضةٌ دينيةٌ لا تتم إلا بمحاسبة النفس؛ كتبَ عمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه إلى بعضِ عمُّاله: "حاسب نفسكَ في الرخاء قبلَ حسابِ الشدة، فإن من حاسبَ نفسهُ في الرخاءِ قبلَ حساب الشدة، عادَ أمرُه إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته وشغلتْـهُ أهواؤه عادَ أمرُه إلى الندامة والخسارة". وقال ابنُ القيّم: "وتركُ المحاسبة والاسترسالُ وتسهيلُ الأمورِ وتمشيتُـها، فإنَّ هذا يقوده إلى الهلاكِ، وهذه حالُ أهلِ الغرور، يُغْمضُ عينيهِ عن العواقبِ ويُمَشّي الحال، ويتكلُ على العفو، فيهملُ محاسبةَ نفسهِ والنظرَ في العاقبة، وإذا فعلَ ذلكَ سَهُلَ عليه مواقعةُ الذنوبِ وأنِسَ بها". وقال: "وهلاكُ القلبِ من إهمالِ النفسِ ومن موافقتها واتباع هواها".
المسلم الحق ليس عنده ما يسميه الآخرون وقت فراغ؛ فهو ما بين عبادة يؤديها، أو نافلة يَجبر بها ما قَصَّر فيه من عبادات، أو تعليم أو تعلم في مجال الدين، وخيرُ ما يتعلمه ويعلمه الإنسان المسلم هو القرآن الكريم؛ يقول عليه الصلاة والسلام: [خيركم من تعلم القرآن وعلمه]، وكما أن تعلم العلوم الشرعية مطلوبٌ كذلك تعلمُ علومِ الدنيا نحن مطالبون به؛ فالحضارة الإسلامية نمت وتوسعت وازدهرت لأنها حلقت بجناحين: علوم الدين، وعلوم الدنيا. والبعض يخصص جزءاً من وقته للدعوة لدين الله امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: [بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً]. وباقي وقت المسلم للراحة والنوم ولتناول الطعام وللترويح عن النفس بما هو مباح، وهذه كلها أمورٌ تتحقق بها (عمارة الوقت) إذا نوى المسلم أن يتقوى بها على العبادة كان له ثوابٌ عظيم؛ فهذا الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: "إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"، وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: "إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو، ليكون أقوى لي على الحق".
إن وقت الفراغ إذا لم تشغله شغلك؛ بمعنى أنك قادرٌ على أن تشغله بما يفيد، فإن لم تفعل جرك وسحبك إلى ما يشغلك ويفسد عليك حياتك وآخرتك؛ وصدق الشاعر حين قال:
إن الشبابَ والفـراغَ والجـِدة  **  مفسدةٌ للمـرءِ أيُ مَـفـسـدة
{الجدة أي الغنى}
فإلى هؤلاء الذين يضيعون أوقاتهم وأيامهم وهي أعمارهم، فيما لا يفيد، ثم يشعرون بالخُواء والفراغ والتوتر الداخلي والاكتئاب، أقول لهم اقرأوا الآية الكريمة: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ تدبروا معانيها، لا تضيعوا على أنفسكم فرصةً أكيدةً ومضمونةً لطمأنينة قلوبكم، ولا تكونوا ممن يخسرون ثواباً كثيراً هم أحوج ما يكونون إليه يوم الحساب، يوم ﴿لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾؛ فاحرصوا يا أولي الألباب على أن تكسبوا خيراً في كلِ فرصةٍ تُتاح لكم، واغتنموا فراغكم الآن قبل أن تذهب ساعاته ودقائقه؛ قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: [اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك].
يقول أحد الصالحين: "لا يمكن أن يوجد الفراغ في قلبٍ عامرٍ بذكر الله، ولا في روحٍ متعبدةٍ لله، مشغولةٍ بالذكر والعبادة التطوعية بعد أداء الفرائض، مشغولةٍ بحفظ القرآن وتلاوته تعبداً إلى الله، مشغولةٍ في زيارة الأصحاب والأحباب وعيادة المرضى من المعارف والأصدقاء، ومشغولةٍ في ساعةِ مرحٍ نظيفةٍ مع الزوجة والأولاد ومع الأحبابِ المؤمنين في أي مكان".

أحبتي يعرض بعض المتخصصين أنشطة لاستثمار أوقات الفراغ، هي أفكار تساعدنا على (عمارة الوقت) يمكن الاختيار من بينها:
قراءة وحفظ القرآن الكريم والتفقه في الدين والعقيدة لمعرفة الواجبات وطُرق كسْب الأجر والحسنات؛ فكل مسلمٍ مكلّف بالتفقّه في أمور دينه ومعرفة الأحكامِ الشرعيّةِ التي تدله على طريق الخير والصلاح.
أخذ دوراتٍ متخصصةٍ لتنمية قدراته ومواهبه في المجالات المختلفة وخاصةً الحاسوب، فالحياة صارت مرتبطةً بعلوم الحاسوب والإنترنت، ولا يمكن القيام بمختلف الأعمال بمعزلٍ عنها، ولكن يجب أن يتم استخدام هذه التكنولوجيا بطريقةٍ صحيحةٍ وفي مواضيع مفيدة.
العمل على تطوير المهارات المتعلّقة بمجال العمل؛ فوقت الفراغ من أنسب الأوقات لزيادة الخبرة في العمل وتطوير النفس في مواطِن الضعف.
قراءة الكتب المُفيدة التي من شأنها زيادة المعرفة والقدرات.
القيام بالزيارات الاجتماعية للأهل والأصدقاء، فطريقةُ الحياةِ العصريةِ جعلت من الصعب زيارة الأقارب والأصدقاء في كل الأوقات، فيستطيع الشخص استغلال وقت الفراغ لتأدية هذه الزيارات.
الاشتراك بالنوادي الثقافيّة والرياضيّة؛ بحيث يتمّ إشغال الكثير من وقت الفراغ والتعرّف على ناسٍ جدد وشخصيّاتٍ مختلفة فتزيد معارف الشخص وخبراته بالحياة.
ممارسة الهوايات المختلفة والأعمال المحببة؛ فوقت الفراغ هو الوقت المناسب للقيام بالهوايات المرغوبة.
الاسترخاء ومحاولة تنظيم المهام والأعمال، وتقييم الأعمال السابقة، فأحياناً يجب مراجعة ما سبق من أعمالٍ لتقييمها ومعرفة مواطِن الخلل إذا وجِدت.
المشاركة بأعمال الخير؛ فهي تجلب إلى النفس الكثير من السرور والفرح، ويمكن المشاركة بهذه الأعمال من خلال الجمعيّات الخيريّة أو الأعمال المنفردة.
تنظيم برنامج للسفر، فالسفر يروِّح عن النفس ويُكسِب الخِبرات والمعارِف الجديدة.

أحبتي .. العمر وإن طال فهو قصير، والوقت وإن بدا للغافلين طويلاً مملاً فهو بالنسبة للمسلم صادق الإيمان قليل؛ قال أهلُ السيرِ: حضرت الوفاةُ نوحاً عليه السلام، فقيل له: يا نوحُ كم عشت؟ قال: ألف سنة. قالوا: كيف وجدت الحياة؟ قال: والذي نفسي بيدِه ما وجدتُ الحياةَ إلا كبيتٍ له بابان دخلتُ من هذا وخرجتُ من الآخر.
ما أحوج الإنسان إلى الاستفادة من كلِ دقيقةٍ وكلِ ثانيةٍ من وقته في عملٍ صالحٍ تبقى آثاره خالدةً فتكون ذِكْراً له بعد موته؛ يقول الشاعر:
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له:     **    إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها  **  فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
وما أصعب أن يكون الإنسان في الدنيا غافلاً فيكون في الآخرة من الخاسرين الذين يتحسرون على أعمارهم أفنوها فيما لا يفيد، تأملوا معي قول الله عز وجل وهو يخاطب هؤلاء القوم: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ أي أولم نمهلكُم، أولم نترككُم، أولم نمد لكم فترةً تتذكرون فيها وتعملون فيها وتتدبرون فيها، ومرت عليكم الأوقات والأزمان ومر العمر كله لكنكم أهدرتم أوقاتكم وظلمتم أنفسكم وها أنتم الآن من الخاسرين لا نصير لكم. وتأملوا مدى حسرة هؤلاء القوم حين أيقنوا أنهم من الخاسرين: ﴿قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ أي في الدنيا التي هي دار اختبار وابتلاء وعمل، تقاعسوا وركنوا إلى فراغٍ يقتلون به أوقاتهم التي هي أعمارهم، ثم يتحسرون ويندمون وقت لا ينفع الندم.
جاء في الأثر: "ليس من يوم يأتي على ابن آدم إلا ينادَى فيه: يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد وأنا فيما تعمل عليك غداً شهيد، فاعمل فيّ خيراً أشهد لك به غداً؛ فإني لو قد مضيت لم ترني أبداً".

اللهم ألهمنا الصواب والسداد واهدنا إلى سبيل الرشاد واجعلنا ممن تشهد لهم أوقاتهم وأعمارهم فنفوز فوزاً عظيماً، ولا تشهد عليهم فيكونوا من الخاسرين.

نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرة جديدة، إن أذن الله وأمد في أعمارنا.

تقبل الله منا ومنكم.


https://goo.gl/6n8nDX