الجمعة، 24 نوفمبر 2017

ماحقة الحسنات

الجمعة 24 نوفمبر 2017م

خاطرة الجمعة /١١٠
(ماحقة الحسنات)

رُوي أن أحد الصالحين قيل له: "إن فلاناً اغتابك"، فبعث إليه رطباً على طبقٍ وقال: "بلغني أنك أهديت إليّ من حسناتك فأردت أن أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام".
وقال رجلٌ لأحد العلماء: "إن فلاناً يغتابني"، قال: "قد جلب لك الخير جلباً".
وقال أحد الصالحين: "إن العبد ليُعطَى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسناتٍ لم يكن قد عملها، فيقول يا ربِ: من أين لي هذا؟ فيقول: هذا بما اغتابك الناس وأنت لا تشعر".
وقال واحدٌ من العارفين: "لولا أني أكره أن يُعصى الله لتمنيت ألا يبقى في هذا العصر أحدٌ إلا وقع فيّ واغتابني؛ فأيُ شيءٍ أهنأ من حسنةٍ يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها".
ومصداقاً لهذا قال الشاعر:
يُشَارِكُكَ الْمُغْتَابُ فِي حَسَنَاتِهِ
وَيُعْطِيكَ أَجْرَيْ صَوْمِهِ وَصَلاَتِهِ
وَيَحْمِلُ وِزْراً عَنْكَ ضَنَّ بِحَمْلِهِ
عَنْ النَّجْبِ مِنْ أَبْنَائِهِ وَبَنَاتِهِ
فَكَافِئْهُ بِالْحُسْنَى وَقُلْ رَبِّ جَازِهِ
بِخَيْرٍ وَكَفِّرْ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ
فَيَا أَيُّهَا الْمُغَتَابُ زِدْنِي فَإِنْ بَقِي
ثَوَابُ صَلاَةٍ أَوْ زَكَاةٍ فَهَاتِهِ
ورُوي عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجلٌ فذكر له عن رجلٍ شيئاً، فقال له عمر: "إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾، وإن شئت عفونا عنك؟"، فقال: "العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبداً".
وعن الغيبة قال أنس بن مالك: "أدركت بهذه البلدة – المدينة – أقواماً لم يكن لهم عيوبٌ، فعابوا الناس؛ فصارت لهم عيوبٌ، وأدركت بهذه البلدة أقواماً كانت لهم عيوبٌ فسكتوا عن عيوب الناس؛ فَنُسِيَت عيوبهم".

أحبتي في الله .. يقول العلماء عن الغيبة أنها عادَةٌ قبيحةٌ تَفَشَّتْ في مجتمعاتنا، ومرضٌ هدّامٌ يفتِك بصاحبه ويُفَرِّقُ بين الأهل ويُباعد بين الأحباب ويقطع الأرحام؛ لما يسبّبه من التشاحن والبغضاء. وصور أحد الأفاضل مجالس الناس اليوم بأنها "لا تطيب إلا بتناول وجبةٍ دسمةٍ من لحم أحد المسلمين، ينهش الجالسون في لحمه، كلٌ منهم يتناول قطعةً منه، فلا يشبعون ولا يملُّون من تَكرار تناولها كُلَّما اجتمعوا، حتَّى أصبحت رائحة الغيبة المُنْتِنَة تفوح من المجالس".

الغيبة لغةً: من الغَيْب "وهو كل ما غاب عنك"؛ وسُميت الغيبة بذلك لغياب المذكور حين يذكره الآخرون. قال ابن منظور: "الغيبة من الاغتياب، أن يُتكلم خلف إنسانٍ مستورٍ بسوءٍ". وقال النووي: "الغيبة ذكر الإنسان في غيبته بما يكره".
والغيبة في الاصطلاح: قد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: [أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟]، قَالُوا: "اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ"، قَالَ: [ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ] أي: ذكر المرء بما يكرهه سواءً كان ذلك في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خَلْقه أو خُلُقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو غير ذلك مما يتعلق به، سواءً ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز. ومن صور الغيبة التي لا ينتبه لها الناس قولهم عند ذكر شخصٍ غائب: الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة، ونحو ذلك. هذه من صور الغيبة التي ألفها الناس إلى درجة أنهم يتعجبون إذا قلت لهم أن هذه غيبة!

وحُكْم الغيبة في الشَّرْع الحنيف؛ أنَّها حرامٌ بالكتاب والسُنَّة وإجْماع عُلماء الأمَّة.
قال تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾، يأكل لحوم الناس: أي يطعن عليهم. وقال تعالى: ﴿وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ﴾، أي لا تلمزوا الناس. والهماز واللماز من الرجال مذمومٌ ملعونٌ كما قال الله: ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾. فالهمز بالفعل كالغمز بالعين احتقاراً أو ازدراءً، واللمز بالقول ويكون باللسان والكلام؛ وتدخل فيه الغيبة. وقال عز وجل: ﴿لَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ . هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ﴾، الهماز: المغتاب للناس.
وقال صلى الله عليه وسلم في خِطبة الوداع: [فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا]؛ فحرم النبي الغيبة، وقرن تحريمها إلى تحريم الدماء والأموال، ثم زاد في تأكيد التحريم بإعلامه بأن ذلك كحرمة البلد الحرام في الشهر الحرام.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا، الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية أنها قصيرة"، فقال: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ]، والمعنى أن الغيبة لو كانت مما يُمزج بالبحر لغيرته عن حاله مع كثرته وغزارته.
ولما رجم الصحابة ماعزاً رضي الله عنه سمع النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابِه يقول أحدهما لصاحبِه: "انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِى سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ". فسكتَ عنهما ثُمَّ سار ساعةً حتَّى مرَّ بجيفةِ حِمَارٍ شَائِلٍ برِجْلِه فقال: [أَيْنَ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ ؟]، فقالا: "نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ"، قال: [انْزِلاَ فَكُلاَ مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ]، فقالا: "يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟"، قال: [فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفاً أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ ..].
وبّين النبي صلى الله عليه وسلم الفرق بين الغيبة والبهتان؛ ففي الحديث قيل: "أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟"، قال: [إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ]. وفي حديث عبد الله بن عمرو أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فقالوا: "لا يَأْكُلُ حَتَّى يُطْعَمَ، وَلا يَرْحَلُ حَتَّى يُرْحَلَ لَهُ"، فقال لهم النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: [اغْتَبْتُمُوهُ]، فقالوا: "إِنَّمَا حَدَّثْنَا بِمَا فِيهِ"، قَالَ: [حَسْبُكَ إِذَا ذَكَرْتَ أَخَاكَ بِمَا فِيهِ].
قال الحسن البصري: "الغيبة ثلاثة أوجهٍ كلها في كتاب الله: الغيبة والإفك والبهتان. فأما الغيبة فهو أن تقول في أخيك ما هو فيه، وأما الإفك فأن تقول فيه ما بلغك عنه، وأما البهتان فأن تقول فيه ما ليس فيه".
يقول أهل العلم أنه وكما تحرمُ الغيبة فإنه يحرُمُ سماعُها أيضاً؛ فمن حضر مجلساً يشتغِلُ أهلُه بالغيبة والوقوع في أعراض الناس وجب عليه الإنكار، فإن لم يستطع وجب عليه مفارقة مجلس الغيبة مُنْكِراً ذلك بقلبه ليسلم من الإثم.
ويقولون أن الغيبةَ، وإن كانت محرمةً، فإنَّها تُباح في أحوالٍ استثنائيةٍ للمصلحة: كما في حالة التظلُّم؛ فيجوز للمتظلم أنْ يقولَ: فَعَل بي فلانٌ كذا وكذا لمن يتظلم إليه. وكما في حالة الاستعانة في تغيير المنكر وردِّ العاصي إلى الصواب؛ فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلانٌ يعملُ كذا فازجرْه عنه. وكما في الاستفتاء؛ بمعنى أنْ يذهبَ المستفتي إلى المفتي، فيقول: لقد ظلمني فلانٌ بكذا أو كذا، فماذا أفعلْ لرد الظُّلم عن نفسي؟ والأسلم التعريض بأنْ يقولَ: ما قولك في رجلٍ ظلمه أخوه؟. وكذلك لتحذير المسلمين من الوقوع في أيِّ شرٍ؛ كأن يقول للنصح فلانٌ مبتدعٌ، وكذلك جرح المجروحين من رُّواة الحديث، وأيضاً المشاورة في مصاهرة إنسانٍ أو مُجاورته. كما تجوز غيبة الفاسق الذي شهر بفسقه؛ كالمجاهر بشرب الخمر. وأيضاً تجوز للتعريف؛ فإذا كان الشخص معروفاً بلقبٍ كالأعمش أو الأعرج ونحوها، جاز تعريفه بها، ويحرم ذكره بها تنقصاً.

وينبغي إذا عرضت الغيبة للشخص المسلم أن يتفكر في عيوب نفسه ويشتغل بإصلاحها، ويستحي أن يعيب وهو مَعيبٌ؛ فعلى الإنسان أن يتذكر قُبح هذه المعصية وما مَثَّل الله به أهلها بأنهم مثل آكلي لحوم البشر، ويتذكر أنه يُعرِّض حسناته إلى أن تُسلب منه بالوقوع في أعراض الآخرين، فإنه تُنقل حسناته يوم القيامة إلى من اغتابه، فالغيبة (ماحقة الحسنات)؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟]، قَالُوا: "الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ"، فَقَالَ: [إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ].

والمغتاب قد جنى جنايتين:
إحداهما في حق الله تعالى؛ إذ فعل ما نهاه عنه، فكفارة ذلك التوبة والندم.
والثانية في حق المخلوق، فإن كانت الغيبة قد بلغت الذي اغتيب؛ جاء إليه فاستحله وأظهر له الندم على فعله، وإن كانت الغيبة لم تبلغه جعل مكان استحلاله الاستغفار له والثناء عليه بما فيه من خيرٍ أمام من اغتابه أمامهم لإصلاح قلوبهم؛ فحقوق الله عز وجل مَبْنِيَّةٌ على المُسامَحَة، بينما حُقوق العِباد مَبْنِيَّةٌ على المُشاحَحَة.
أحبتي .. الغيبة تورث بين الناس الشحناء والبغضاء، وتنشُرُ أجواء الكراهية وعدم الثقة؛ فعندما تكون بين أُناسٍ يغتاب بعضهُم بعضاً فلا شكّ أنهم سيغتابونك وأنت لستَ حاضراً معهم، وهذا يقتل الثقة بالآخرين ويُطفىءُ الودّ ويجعل الكراهية في صدرك لمن حولك.
فمن الواجب على كل مسلمٍ أن يحفظَ لسانه عما حرَّمَ الله؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وفي حديثه لمعاذ بن جبل رضي الله عنه يقول النبي عليه الصلاة والسلام: [أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟]، قُلْتُ: "بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ"، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وقَالَ: [كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا]، فَقُلْتُ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟"، فَقَالَ: [ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ؛ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟]. وقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً].
يقول الشاعر طلال الدرويش:
كم لفظةٍ تَهوي بِقائِلِها
في النّارِ أو تُبْقيهِ مَدْحُورا
أو لفظةٍ تَرْقَى بهِ أَبداً
في جنّةٍ فتراهُ مَحبُورا
فاللسان أحبتي كما قال الغزاليّ: "نعمةٌ عظيمةٌ، جِرمُه صغيرٌ وجُرمُه كبيرٌ"، أي أن حجمه صغيرٌ إلا أن كثيراً من الذنوب هي حصيلة ما ينطق به، فلَزِمَ مراقبته؛ لأن كثرة الكلام في المباح قد تجرّ إلى المكروه أو الحرام، فما بالنا بغير المباح من الكلام كالغيبة؟!
يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه:
إذا رُمتَ أنْ تَحيا سَليماً مِن الأذى
وَدينُكَ مَوفورٌ وعِرْضُكَ صَيِنُّ
لِسانُكَ لا تَذكُرْ بِهِ عَورَةَ امرئٍ
فَكُلُّكَ عَوراتٌ وللنّاسِ ألسُنُ
وعَيناكَ إنْ أبدَتْ إليكَ مَعايِباً
فَدَعها وَقُلْ يا عَينُ للنّاسِ أعيُـنُ
وعاشِرْ بِمَعروفٍ وسامِحْ مَن اعتَدى
ودَافع ولكن بالتي هِيَ أحسَنُ
ولنعلم أحبتي أن ضَبْطُ اللِّسان أحد أرْكان الاسْتِقامة؛ فلنستقم ونُقَوِّم ألسنتنا ونعفَّها عن الوقوع في الغيبة (ماحقة الحسنات) بكل وسيلةٍ ممكنةٍ، ومن ذلك ما وصفه الشاعر إذ قال:
وإذا هممتَ بالنطقِ في الباطلِ
فاجـعـلْ مكـانَـه تسـبيحـاً
فاغتنامُ السكوتِ أفضلُ من
خوضٍ وإن كنتَ في الحديثِ فصيحاً

وقانا الله شر الغيبة التي انتشرت بيننا انتشار النار في الهشيم؛ في بيوتنا ومجالسنا وأماكن عملنا، مع أهلنا وأصدقائنا ومعارفنا وزملائنا، وفي وسائل إعلامنا. صرنا للأسف نتعاطاها ببساطةٍ بغير تدبرٍ أو تفكرٍ في مدى إثمها وخطرها ومحقها حسناتنا دون أن نشعر. 
أحبتي، ليكن مبدأنا بشكلٍ عامٍ: "قل خيراً أو اصمت"، وبشكلٍ خاصٍ عند الحديث عن الآخرين في حالة غيابهم: "اذكر أخاك بخيرٍ، أو أمسك عليك لسانك".

نلتقي على خيرٍ الجمعة القادمة، في خاطرةٍ جديدةٍ، إنْ أَذِنَ الله وأمَّدَ في أعمارنا.

هدانا الله وإياكم إلى صالح الأعمال وتقبلها منا.


http://goo.gl/C2mwm2