الجمعة، 23 أغسطس 2019

وما كان ربك نسيا/1

الجمعة 23 أغسطس 2019م

خاطرة الجمعة /٢٠١
(وما كان ربك نسيا)

سامح شابٌ من سكان القاهرة، خريج كلية ألسن قسم ألماني يروي قصته فيقول: كنت متوجهاً في أحد الأيام، بصحبة بعض الزملاء، إلى الجامعة لأداء امتحان، أثناء سيرنا في أحد الشوارع رأينا رجلاً كبيراً ملقىً الأرض، جرينا نحوه لنعرف ما به، وجدناه في غاية التعب والإرهاق وغير قادرٍ على التنفس بشكلٍ طبيعيٍ، يتصبب عرقاً، يحاول أن يتكلم ولا يستطيع، اتصلنا بالإسعاف لكن للأسف مر وقتٌ طويلٌ ولم تصل سيارة الإسعاف. تأخرنا كثيراً واقترب موعد الامتحان، ووجدت أصدقائي يتركونني وحدي مع الرجل المريض ويتوجهون واحداً تلو الآخر إلى الكلية حتى لا يفوتهم الامتحان. بقيتُ أنا وحدي مع هذا الرجل لا أدري كيف أتصرف. الناس من حولي إما مشغولٌ بنفسه، أو لا يريد أن يجر على نفسه المشاكل إذا هو ساعد رجلاً لا يعرفه. نظرتُ إلى الرجل فإذا به وقد دخل في غيبوبة، لم أستطع أن أتركه وأمشي هكذا ببساطة، تذكرتُ الامتحان الذي يكاد يفوتني، وفكرتُ في هذا الرجل الملقى أمامي على الأرض، واحترتُ؛ ماذا عساني أفعل؟ حسمتُ أمري واتخذتُ قراري؛ فأوقفتُ سيارة أجرة ونقلتُ الرجل إلى أقرب مستشفى، تم حجز الرجل في العناية المركزة، وظللتُ بجانبه حتى وقت العصر، ومن شدة تعبي وجدتني وقد غلبني النوم فألقيتُ بجسمي على أريكةٍ بجوار سريره واستغرقتُ في نومٍ عميق. أفقتُ على حركةٍ بالغرفة فإذا بطبيبٍ يشد على يدي ويقول لي: "لولا سرعة نقلك له - يقصد الرجل المريض - للمستشفى لكان قد أصيب بشللٍ رباعيٍ ناتجٍ عن جلطةٍ في المخ. لقد وصل إلينا في الوقت المناسب تماماً، وقمنا بإجراء ما يلزم وسيتعافى بإذن الله". فرحتُ جداً عندما علمتُ أن الرجل يتماثل للشفاء، رغم أني لا أعرفه، لكني أحسستُ بارتياحٍ نفسيٍ، على الأقل لم تذهب تضحيتي بالامتحان بغير فائدة!
ظللتُ أزوره يومياً حتى ترك العناية المركزة، ونقلوه إلى غرفةٍ عاديةٍ حيث بدأت صحته في التحسن وصار من الممكن أن يتكلم، تعارفنا، شكرني، تركتُ له اسمي ورقم هاتفي وطلبتُ منه أن يتصل بي في أي وقتٍ إذا احتاج لشيءٍ، وتركته وخرجت. لم أحزن كثيراً لرسوبي في المادة التي كنت في طريقي للامتحان فيها، فهذا كان أمراً متوقعاً، لكني حزنت جداً عندما أعلنت إدارة الكلية قبيل انتهاء العام الدراسي عن منحةٍ دراسيةٍ مجانيةٍ لإكمال الدراسة في ألمانيا بشرط النجاح في جميع المواد وفي كل سنوات الدراسة بتقدير جيد على الأقل، وكان رسوبي في تلك المادة هو المانع الوحيد أمامي للحصول على هذه المنحة. مرت الأيام وامتحنت المادة ونجحت فيها وتخرجت، لكني كنت بائساً ليس لديّ رغبةٌ في أي عمل، خاصةً عندما أتذكر زملائي الذين فازوا بالمنحة وسافروا إلى ألمانيا ليكملوا دراستهم بها ويعودوا بشهادةٍ تساعدهم على الحصول على أفضل فرص العمل بمصر. أما أنا فقد مرت عليّ الأيام بطيئةً مملةً، كلها متشابهةٌ، مرت بلا طعمٍ وبغير هدف، حتى كان ذلك اليوم المشهود، يومٌ لن أنساه ما حييت؛ حيث لحظةٌ واحدةٌ غيرت حياتي كلها تغييراً جذرياً، حدث فيها ما لم يكن في حسباني وما لم يخطر على بالي أبداً، ولا حتى في الأحلام. كنتُ في ذلك اليوم على موعدٍ لمقابلة عملٍ في إحدى الشركات الكبيرة في مصر، وكنتُ قد أعددتُ نفسي جيداً استعداداً لتلك المقابلة، لكن للأسف ذهبت الوظيفة إلى غيري صاحب الواسطة الكبيرة! لا أنسى ذلك اليوم أبداً، خرجتُ من الشركة، وقد اسودت الدنيا في عينيي، أو بالأحرى اشتد سوادها. من شدة حزني ارتفع ضغط دمي، وأحسستُ بألمٍ شديدٍ في عينيي اللتين بدأتا تدمعان لا إرادياً، أسير كالأعمى أكاد لا أرى، وشريط الفرص التي ضاعت مني يمر في مخيلتي. وصلتُ إلى البيت وأنا صامتٌ، لا أريد أن أتكلم مع أحد، ولا أجيب على أسئلة أهلي، أردتُ فقط أن أنام، دخلتُ إلى غرفتي وألقيتُ بنفسي على السرير، أريد أن أصرخ من شدة حزني، أكاد أنفجر من الغضب والغيظ والإحساس بالظلم. وحتى أُنَّفِس عن نفسي هذا الغضب الهائل وهذه المشاعر السلبية أمسكتُ بهاتفي وكتبتُ على صفحتي على الفيس بوك: "لماذا يا رب خذلتني، لماذا تخليت عني؟". كنتُ منهاراً انهياراً شاملاً نفسياً وجسدياً فنمت، استيقظتُ في منتصف الليل بسبب كوابيس كثيرةٍ، فتحتُ الفيس مرةً أخرى فوجدتُ رسالةً من شخصٍ ليس على قائمة الأصدقاء، لا يضع اسماً حقيقياً، ولا يضع صورته، وجدته وقد كتب لي يقول: "مساء الخير يا سامح، هل أنت بخير؟ طمني عنك؟"، تعجبتُ من كونه يعرفني بالاسم؛ فكتبتُ أقول له: "الحمد لله، أنا بخير، عفواً من معي؟"، رد عليّ بقوله: "غير معقول! ألا تعرفني يا سامح؟ أنا الرجل الذي أنقذته من الموت"، قلت: "أهلاً بك، كيف حالك؟ كيف وصلت إلى صفحتي على الفيس بوك؟!"، قال: "بحثتُ برقم هاتفك المسجل لدي فوجدتُ صفحتك. لفت نظري ما كتبتَ، أخبرني، ما بك؟ ما الذي يضايقك إلى درجة أن تكتب لماذا يا رب خذلتني؟". أخبرته بما حدث في المقابلة للوظيفة التي لم أحصل عليها، وكيف أني ظُلمت في ذلك بسبب عدم وجود واسطة معي، فوجئت به يسألني إن كنتُ أرغب في السفر إلى ألمانيا. قرأت سؤاله مرتين وبقيتُ للحظات لا أصدق ما تراه عيناي. أجبته بتلقائية: "هل أنت جاد؟!"، قال لي: "أنا مستثمرٌ أقيم في ألمانيا منذ فترةٍ طويلة. وهذا أقل ما يمكن أن أقدمه لك بعد كل ما قدمته لي". مرت الأيام، وصدق الرجل في وعده، سافرتُ إلى ألمانيا، وسهّل لي كل إجراءات الإقامة والعمل. الغريب في الأمر أني عندما قابلت أصدقائي هناك استغربوا جداً وسألوني كيف أتيتَ إلى ألمانيا؟! حكيتُ لهم قصة الرجل الذي نقلته إلى المستشفى بسيارة أجرة وقت الامتحان، وكيف أنه ساعدني للحضور.
سبحان الله؛ كنتُ أحلم بمنحةٍ دراسيةٍ لعدة أشهرٍ في ألمانيا أعود بعدها للعمل في مصر، لكن الله سبحانه وتعالى بكرمه وإحسانه رزقني إقامةً دائمةً في ألمانيا، وعملاً مستمراً أحسن وأفضل بكثيرٍ مما كنتُ أحلم أو أتصور؛ وصدق قوله تعالى: (وما كان ربك نسيا).

ويُحكى أن رجلاً تُوفيَّ وترك زوجته الشابة هي وابنهما الرضيع، وورث الابن الرضيع عن أبيه بعض الممتلكات. طلب أخو الزوج المتوفَى من أرملة أخيه أن يتبنى الطفل الرضيع ويُربيه ويحافظ له على ممتلكاته؛ فقامت بعمل توكيلٍ رسميٍ لعم الطفل يُخول للعم الحق في التصرف في ممتلكات الطفل وكأنه مالكها؛ فقام الرجل ببيع الممتلكات التي تخص ابن أخيه، واستولى على ثمنها، وترك البلد وسافر إلى أمريكا.
تزوج من أمريكيةٍ وأنجب منها وأصبحت لديه أسرةٌ وأبناء. ساعدته زوجته في عمله واستثمار ما معه من مالٍ فبدأ بتجارة السيارات وصارت لديه ثروةٌ كبيرةٌ تقدر بالملايين، بينما كانت أرملة أخيه تعيش هي وابنها في فقرٍ مدقع، ولولا أن سخَّر الله لهما من أهل الخير من ينفق عليهما لماتا جوعاً. بعد خمسةٍ وعشرين عاماً قرر العم الهارب العودة إلى بلده بالأموال التي استثمرها في أمريكا، وقام بشراء أرضٍ كبيرةٍ بنى عليها قصراً فخماً في أرقى الأماكن بالعاصمة، وافتتح مشروعاً تجارياً كوكيلٍ لشركةٍ عالميةٍ لبيع السيارات، وأصبح من أشهر رجال الأعمال، وذاع صيته في البلاد. كبر الطفل وأصبح شاباً وعلم بأمر عودة عمه وما صار عليه من مكانةٍ وما يمتلك من ثروةٍ، فذهب إليه يطلب منه بعضاً من ماله الذي ورثه عن أبيه، طرده عمه وقال له أن ليس له عنده شيءٌ، وطلب منه ألا يأتي لزيارته مرةً أخرى. عاد الشاب إلى أمه حزيناً مكسور الخاطر. عندما انتهى العم من تجهيز القصر بأفخم وأحدث أنواع الأثاث استدعى عائلته من أمريكا لتعيش معه في مصر؛ وذهب يوم وصولهم ليستقبلهم في المطار، ذهب بسيارته الحديثة الفارهة واستقبل زوجته وأبناءه، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن تقع لهم حادثةٌ مروعةٌ وهم في طريقهم من المطار إلى القصر، فلقوا جميعهم مصرعهم في الحال.
وكانت المفاجأة أن الشاب اليتيم هو الوريث الوحيد لمال عمه الذي تُوفي! سبحان الله، وكأن عمه رجع إلى البلاد ليموت بها، ويورثه ابن أخيه، ويرجع المال لصاحبه. وكأن الله سبحانه وتعالى قد سخَّر للطفل الرضيع الضعيف عمه، الذي زين له الشيطان أن يسرق مال ابن أخيه فهرب بالمال واستثمره، ثم وبعد خمسة وعشرين عاماً يعود المال لصاحبه! يعود ومعه واحدةٌ من أكبر الشركات، وقصرٌ واسعٌ منيفٌ مؤثثٌ بأفخم الأثاث ومجهزٌ بأفضل الأجهزة! لعلها دعوة المظلوم؛ فليس بينها وبين الله حجابٌ (وما كان ربك نسياً).

أحبتي في الله .. قصتان حقيقيتان حدثتا بالفعل: تُبين القصة الأولى عدم نسيان المولى عزَّ وجلَّ عمل خيرٍ رآه صاحبه بسيطاً، واعتبره واجباً ينبغي القيام به؛ فلم يتأخر عن تقديم العون والمساعدة لرجلٍ غريبٍ لا يعرفه، لكنه كان في حاجةٍ إلى المساعدة والمعاونة، فأعطاه الله سبحانه وتعالى أجره في الدنيا بأكثر مما كان يتوقع، وسيكون ثوابه في الآخرة عظيماً بإذن الله. أما القصة الثانية فتُبين عدم نسيان المولى عزَّ وجلَّ عمل شرٍ استصغره من قام به، وظن أن استيلاءه على مال يتيمٍ قريبٍ وحرمانه من حقه الشرعي في إرثٍ ورثه عن أبيه أمرٌ بسيطٌ، وزين له الشيطان عمله فأنساه أن الله لا يرضى بالظلم؛ فما كان من الله سبحانه وتعالى إلا أن عاقبه في الدنيا أشد العقاب، وسيكون حسابه في الآخرة عسيراً إن شاء الله.
في الحالتين - رغم أنهما مختلفتان تماماً؛ الأولى عن الخير والثانية عن الشر - إلا أن ما يجمع بينهما هو التأكيد على حقيقة (وما كان ربك نسيا).

وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه صفة النسيان؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾، وكذلك في قوله تعالى: ﴿لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾.
أما الإنسان فيكون نسيانه في أغلب الأحوال من عمل الشيطان؛ يقول تعالى: ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾، ويقول سبحانه: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾.



قال الإمام الشافعي رحمه الله: "آيةٌ من القرآن هي سَهمٌ في قلبِ الظالم، وبَلسمٌ على قلبِ المظلوم"! قيل: وما هي؟ فقال: "قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾".
وقال أحد العارفين: إذا رأيتَ مَن يَهزَأُ بدين الله، ويتآمر على دعوة الله، ويستبيح حرمات الله. وإذا رأيتَ مَن يداهن الحكَّام، وينافق؛ لينالَ عرضاً من الدنيا. وإذا رأيتَ مَن يكذب على الله في شرعه وسُنة نبيه. وإذا رأيتَ مَن يُلبس على الناس الحقَّ بالباطل، ويخلط بين المعروف والمنكر. وإذا رأيتَ مَن يهتك أعراض الناس بالغيبة أو اللعن أو إشاعة الفاحشة. وإذا رأيتَ مَن يظلم الناس، ويسفك الدماء. وإذا رأيتَ مَن يسرق ويغش ويُدَلِّس. وإذا رأيتَ الظالمين يصادرون الأموال، وينهبون الأغراض، ويهتكُون الأعراض. وإذا رأيتَ تضحيات الصابرين، وصبر المحتسبين، وثبات المظلومين، فقل لكل هؤلاء: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾. ولا يغرنَّ أحداً منا حلمُ الله عليه؛ فإنه سبحانه يُمهِلُ ولا يُهمِلُ، وما من مظلومٍ دعاه إلا رفع دعْوتَه فوق الغمام وفتح لها أبواب السماء، وقال: {وعزتي، لأنصرنَّك ولو بعد حين}.
يقول أهل العلم إن الله تعالى يُمهل مَن عصاه، ويُملي له، فإن تاب إلى ربه ورجع وآب كان ذلك رحمةً من الله تعالى عليه، وإن استمر في طغيانه كان ذلك استدراجاً من الله تعالى، ولكن الله تعالى لا يُهمله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنَّ اللهَ تبارَك وتعالَى يُملي - وربَّما قال: يمهلُ - للظَّالِمِ، حتَّى إذا أخذَه لم يُفلِتْهُ] ثم قرأ: ﴿كَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾.

والله سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم، وينتصر للمظلوم ولو بعد حين، لا يهمل ولكن يمهل؛ يقول الشاعر:
لا تظلمنَّ إذا ما كنتَ مُقتدراً
فَالظُلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إلىٰ النَّدَمِ
تَنامُ عَيْنُكَ وَالمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ
يَدْعُو عَلَيْكَ وَعَيْنُ اللهِ لَمْ تَنَمِ

في المقابل أقول: لا تستصغر أي عملٍ من أعمال الخير، بل سارع فيه وكُن من السابقين؛ قال تعالى واصفاً المؤمنين من عباده: ﴿أُولَٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ﴾. وإذا رأيتَ مَن يحافظ على الصلاة المكتوبة والسنن الرواتب وغير الرواتب وقيام الليل. وإذا رأيتَ مَن يصوم الفرض والنوافل. وإذا رأيتَ مَن يُخرج زكاة ماله ويحرص على أن يتصدق على الفقراء والمساكين. وإذا رأيتَ مَن إذا أنعم الله عليه بأقل سُبل الاستطاعة بادر إلى حج بيت الله ولم يؤخر ولم يُسَوِّف. وإذا رأيتَ مَن لسانه رطبٌ بذكر الشهادتين مداومٌ على شكر الله والثناء عليه يطلب منه الرحمة والمغفرة. وإذا رأيتَ مَن يتقي الله في معاملاته ويخالق الناس بخُلقٍ حسنٍ ويسارع في عمل الخير، فقل لكل هؤلاء: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾.

أحبتي .. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾؛ فذِكرُ الله هو الذي يدفعنا نحو عمل الخير، وهو الذي يبعدنا عن طريق الشر. اللهم اجعلنا ممن يذكرونك في الرخاء قبل الشدة، وفي اليُسر قبل العُسر، واجعلنا اللهم من أهل قولك: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾، ولا تجعلنا ممن قلت عنهم: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾، ولا من المنافقين الفاسقين الذين قلت عنهم في كتابك الكريم: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾. ندعوك اللهم بما دعاك به عبادك الصالحون: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، ﴿اللَّهُمَ حَبَّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ﴾ فاستجب لنا ربنا، أنت مولانا؛ فنعم المولى ونعم النصير.


http://bit.ly/2Nok3IR