الجمعة، 2 فبراير 2024

استجابة الدعاء

 

خاطرة الجمعة /432

الجمعة 2 فبراير 2024م

(استجابة الدعاء)

 

رجلٌ غنيٌ يروي قصةً حدثت معه منذ فترةٍ؛ يقول الرجل: "عدتُ من شركتي في إحدى الليالي، كالعادة دخلتُ منزلي وتناولتُ العشاء مع زوجتي وأبنائي، ولعبتُ قليلاً مع أبنائي ثم خلدنا للنوم، وكنتُ في العادة لا أتأخر كثيراً حتى أغفو ويغلبني النُعاس؛ فكنتُ أنام سريعاً بمجرد أن أضع رأسي على الوسادة، لكن الغريب الذي حصل معي في تلك الليلة هو أنني لم أستطع النوم مثل العادة؛ لقد كان عقلي مشغولاً، ورفض النوم زيارتي؛ فقلتُ في نفسي دعني ألعب قليلاً بعض الألعاب على هاتفي، لعبتُ قليلاً وشعرتُ بالملل، وكنتُ أحس بضيقٍ يشق صدري، فجأةً، ومن حيث لا أعلم كيف خطرت على بالي هذه الفكرة، قلتُ سوف أستبدل آخر رقمٍ من رقم هاتفي وأتصل عليه وأتحدث معه قليلاً ربما أكسر الملل؛ فحذفتُ الرقم الأخير ووضعتُ صفراً بدلاً منه واتصلتُ، ظل الهاتف يرن ولم يُجب أحدٌ؛ فحذفتُ الصفر ووضعتُ رقم واحد فرَّن قليلاً ثم أجابت امرأةٌ وكانت تبكي فأغلقتُ المكالمة سريعاً.

راودني الفضول؛ أريد أن أعرف لماذا تبكي هذه المرأة في هذا الوقت المتأخر من الليل؟ فقلتُ لنفسي: "دعني أعرف القصة"، اتصلت مرةً أخرى فكان الرد سريعاً وقالت المرأة: "أستحلفك بالله، لا تُغلق الخط؛ إني بحاجةٍ لمساعدةٍ"، وكان بكاؤها شديداً هذه المرة، فسألتها: "ما الأمر يا أختي؟ كيف أساعدك؟"، فقالت وهي تبكي: "إني أسكن بالقرب من المطار، هل عرفتَ المكان؟"؛ ولحُسن حظها أنها تسكن بالقُرب منا؛ فقلتُ: "نعم أعرف المكان إنه يبعد عن منزلنا 2 كيلو متر فقط"، فقالت: "أتوسل إليكَ يا أخي بأن تأتي وتُنقذ ابني؛ أنه سَيموت"، فقلتُ لها: "حسناً، أعطيني عنوان منزلك، مسافة الطريق وأكون عندك". أخذتُ عنوان منزلها ثم أيقظتُ زوجتي وانطلقنا بالسيارة، بعد خمس دقائق وصلنا منزل المرأة وطرقنا الباب ففتحت المرأة، دخلتُ أنا وزوجتي ثم أخذنا المرأة وابنها المريض وتوجهنا إلى المستشفى، وكان الطفل لا يحرك ساكناً فكنتُ أظن بأنه قد فارق الحياة. بعد دقائق وصلنا إلى المستشفى وبدأ الأطباء بالفحص وقالوا إن الطفل يُعاني من حُمى شديدةٍ أفقدته الوعي وأدخلته في غيبوبةٍ؛ فسألتُ الطبيب: "هل سيتحسن؟"، فقال: "سوف يتحسن، لكنه بحاجةٍ إلى رعايةٍ مركزةٍ، وهو يُعاني من سوء التغذية"، فنقلوا الطفل إلى العناية المركزة تحت الملاحظة، ذهبتُ أنا إلى السوق وقمتُ بشراء الطعام، وناولته للمرأة فنظرت إليّ وقالت: "ربي يستر عليكَ ويسعدك ويجعل أيامك كلها سعادةٌ أنتَ وعائلتك"، فقلتُ لها: "هذا واجبي، لكن أخبريني ما قصتك؟"، فقالت: "لقد تُوفي زوجي قبل شهرين وترك هذا الطفل اليتيم، وأنا من أقوم برعايته، وهو مريضٌ منذ ثلاثة أيامٍ وكنتُ عاجزةً عن علاجه، واليوم اشتد به المرض وارتفعت حرارته فلم أدرِ ماذا أفعل، ولا أعرف أحداً في هذه المدينة، وعندما رأيتُ المرض اشتد قمتُ أُصلي وأتوسل إلى الله بأن يُساعدني، و.."، فقاطعتُ حديثها وقلتُ لها: "ماذا قلتِ في سجودك؟"، فقالت: "قلتُ ربِ أتوسل إليك بأن تُساعدني من السماء ومن الأرض؛ من السماء أن تُشفي لي ابني، ومن الأرض أن تُرسل من يُساعدني، ثم انتظرتُ طويلاً ثم تفقدتُ ابني فوجدته لا يُصدر أي صوتٍ فبكيتُ ثم عدتُ فوراً فسجدتُ وقلتُ بصوتٍ مرتفعٍ: "ربِ إن ابني سوف يموت، إن لم تُساعدني أنت فمن غيرك سوف يُساعدني؟"، وفوراً رنَّ هاتفي فقمتُ وأخذتُ الهاتف وقلتُ مرحباً، فإذا بالخط يُغلَق وانتهت المكالمة، وضعتُ الهاتف بالقرب من رأسي عند موضع سجودي، وظللتُ أدعو الله سبحانه وتعالى إلى أن اتصلتَ أنتَ وتحدثتُ معك وطلبتُ منك المساعدة"، قال الرجل متأثراً وهو يُخفي دموعه: "فوالله يا أختي إن دعاءك حرمني لذة نومي وشغل عقلي، وهو الذي جعلني أتصل بك بهذه الطريقة التي لم تخطر على بال بشرٍ، لقد منع دعاؤك عيوني أن تنام حتى أرسلني الله لكِ، إن هذه ليست صدفةً بل رسالةٌ من الله سبحانه وتعالى".

يقول الرجل: "بقيتُ أنا وزوجتي بجانبها حتى استعاد ابنها حالته الطبيعية وتحسن وصار بحالةٍ جيدةٍ، ثم قمتُ بدفع كل تكاليف العلاج، وقمتُ بشراء ما يلزمها من طعامٍ وغيره، وكانت حيطان منزلها مكسرةً فقمتُ بإعادة بنائها من جديدٍ، وجعلتُ زوجتي وجميع أفراد أسرتي يذهبون لزيارتها ويتفقدون أحوالها كل يوم.

 

أحبتي في الله.. إنها قصةٌ تؤكد على أن (استجابة الدعاء) هو وعدٌ من الله سبحانه وتعالى يتحقق لعباده المؤمنين.

وما أشبه هذه القصة بقصة شابٍ سعوديٍ ملتزمٍ، لم تكن لديه وظيفةٌ، فكان يتاجر ببعض الجلديات التي يأتي بها من «القاهرة» ويبيعها في «جدة» حيث يقيم، وكلما نفدت البضاعة سافر إلى «القاهرة» وأحضر بضاعةً جديدةً. في إحدى سفرياته سكن كعادته في غرفةٍ متواضعةٍ بحيٍ شعبيٍ ليُقلل من مصاريفه، وليقضي المهمة التي جاء من أجلها بأسرع وقتٍ ثم يعود إلى أهله. تعرف على شابٍ سودانيٍ كان يسكن في غرفةٍ فوق السطوح، وكان هذا الشاب السوداني مُحافظاً على الصلاة في المسجد ويُكثر من ذِكر الله ووجهه يُشع بنور الإيمان؛ فاطمئن له الشاب السعودي وصادقه وكان يصطحبه معه للسوق لشراء البضاعة ولقضاء حوائجه؛ فكانت محبتهما خالصةً لوجه الله ليس لأيٍ من مقاصد الدنيا. عندما فرغ الشاب السعودي من شراء البضاعة، وفي يوم عودته إلى «جدة» ودّع صاحبه السوداني وسأله عن سبب إقامته في «القاهرة»؛ فأخبره بأن أحد إخوانه قد سافر من «السودان» إلى «القاهرة» للتجارة وانقطعت أخباره، وهو يبحث عن أخيه حسب طلب والدته التي قالت له لا تعد إلا وقد أتيتَ بخبرٍ عن أخيك، فكان مع الشاب السعودي مبلغٌ بسيطٌ فحاول مساعدة صديقه السوداني إلا أنه رفض وقال: "أنا عرفتك في الله ولا أريد شيئاً منك إلا الحب في الله". عاد الشاب السعودي إلى «جدة»، ومضت الأيام والليالي، وبعد حوالي شهرين وفي ليلةٍ من الليالي كانت الساعة تُشير إلى الثانية بعد منتصف الليل استيقظ الشاب السعودي من نومه وحاول أن يواصل نومه إلا أنه شعر بأن النوم قد جافى عينيه؛ فقام ليشرب بعض الماء فشعرت به والدته التي أصابها الأرق مثله فنادت عليه وسألته: "ألم تنم يا بُنيّ؟"، فقال لها: "قد طار النوم من عينيّ يا أماه"، فقالت له: "وأنا كذلك؛ فتعالَ ندردش قليلاً". يقول الشاب السعودي عندما جلستُ مع والدتي تذكرتُ الأخ السوداني فبدأتُ أذكر قصته لأمي، وكيف أني أحببته في الله، وكيف بِره بوالدته حيث أنها طلبت منه أن لا يعود حتى يأتي بخبرٍ عن أخيه؛ فقالت لي أمي: "لم تذكر لي قصته من قبل"، فقلتُ لها: "تذكرته الآن فقط"، فأخرجت أمي مبلغاً من المال وقالت لي: "أكيدٌ أن صاحبك هذا محتاجٌ للمساعدة فخُذ هذا المبلغ ولا تنم حتى توصله له"، فتعجبتُ من طلبها وقلتُ لها: "يا أمي هو في «القاهرة» ونحن في «جدة» والساعة الثالثة بعد منتصف الليل فكيف أوصله له قبل أن أنام؟"، فقالت لي: "يا بُنيّ عندما كنتَ هناك اتصلنا عليكَ على رقم سكنكَ فاذهب واتصل به من هاتف العُملة، فإن كان لا يزال في سكنه حوِّل له المبلغ في الصباح"، فقلتُ لها: "سمعاً وطاعةً يا أماه". ذهبتُ واتصلتُ بالرقم فأجاب حارس العمارة فقلتُ له: "أريد أن أتحدث مع الأخ السوداني الذي يسكن في السطوح للأهمية"؛ فما لبث أن ناداه لي؛ فقلتُ له: "أنا صاحبك من «جدة»"، فعرفني وقال: "خيراً إن شاء الله"، فقلتُ له: "معي مبلغٌ من المال هو هديةٌ لكَ من والدتي؛ فأعطني اسمكَ كاملاً حتى أُحوّله لكَ غداً"، فأعطاني اسمه. وطاعةً لوالدتي لم أنم في تلك الليلة حتى أشرق الصباح فتوجهتُ إلى أحد المصارف وحوّلتُ المبلغ للأخ السوداني بحوالةٍ مستعجلةٍ ثم عدتُ إلى البيت وقلتُ لوالدتي: "الحمد لله؛ لم أنم حتى حوّلتُ المبلغ كما طلبتِ"، فدعت لي بالخير. بعد فترةٍ من الزمن سافرتٌ إلى «القاهرة» لشراء بضاعةٍ جديدةٍ فذهبتُ لزيارة الأخ السوداني فطرقتُ عليه الباب، وعندما فتح الباب ورآني عانقني عناقاً شديداً وبكى وهو يُقبلني؛ فاستغربت لذلك وسألته عن سبب بكائه؛ فقال لي: "تذكر عندما اتصلتَ عليّ قبل شهرين في منتصف الليل وأخبرتني بأنك سوف تُحوّل لي مبلغاً من المال؟"، فقلتُ له: "نعم أذكر ذلك"، فقال لي: "كنتُ في تلك الليلة قد أكملتُ اثنين وسبعين ساعةً، أي ثلاثة أيامٍ بلياليها، لم أذق طعاماً ولا حتى كسرة خبز، وكان طعامي وشرابي الماء فقط. في ذلك الوقت، وفي الثُلث الأخير من الليل قمتُ وصليتُ لله ركعتين، وفي السجود الأخير قلتُ: يا رب أنتَ وحدك تعلم حالي، وأني لم أذق طعاماً منذ ثلاثة أيامٍ ولم أسأل أحداً من البشر، وأنتَ سبحانك قلتَ: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾، وقلتَ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾، وقلتَ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، فما انتهيتُ من الدعاء حتى طرق الحارس الباب وقال لك مكالمةٌ من السعودية؛ فعرفتُ أن الله قد استجاب دعائي".

يقول الشاب السعودي: والله لقد قمتُ من نومي في تلك الليلة، وقامت أُمي وقالت لي لا تنم حتى تُوصّل هذا المبلغ له، كل هذا لأنه كان ساجداً بين يديّ الله ويدعوه دعاء المُضطر، فسبحان الله مُجيب دعاء المُضطرين.

 

إنها (استجابة الدعاء) الذي وصفه النبي؛ قال صلى الله عليه وسلم: [الدُّعاءُ هوَ العبادةُ]، وقال أيضاً: [ليسَ شيءٌ أكرَمَ على اللهِ من الدُّعاءِ]، وقال كذلك: [إنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كريمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رفَعَ يَدَيْهِ إِليْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْراً]، كما قال: [ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها]، وقال عليه الصلاة والسلام:[ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ]، وقال: [يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي]، وقال أيضاً: [لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ]، وقال كذلك: [أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ]، كما قال: [إذا دَعا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسْأَلَةَ، ولا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ فأعْطِنِي؛ فإنَّه لا مُسْتَكْرِهَ له]، وقال صلى الله عليه وسلم: [دعاءُ المرءِ المسلِمِ مُستجابٌ لأخِيهِ بظهرِ الغيبِ، عند رأسِه ملَكٌ مُوكَّلٌ به؛ كُلَّمَا دَعَا لأخِيهِ بِخيرٍ قال الملَكُ: آمينَ ولكَ بِمثلِ ذلكَ]، وقال: [لا يردُّ القضاءَ إلَّا الدُّعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلَّا البرُّ]، وقال أيضاً: [الدُّعاءُ ينفع مما نزل و مما لم ينزِلْ، فعليكم عبادَ اللهِ بالدُّعاءِ]، وقال كذلك: [الدُّعاءُ بين الأذانِ و الإقامةِ مُستجابٌ، فادْعوا]، كما قال: [ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهُم: الإمامُ العادلُ، والصَّائمُ حتَّى يُفْطِرَ، ودعوةُ المظلومِ تُحمَلُ على الغمامِ، وتُفتَحُ لَها أبوابُ السَّماءِ، ويقولُ الرَّبُّ -عزَّ وجلَّ-: وعزَّتي لأنصرنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ].

 

وورد في الأثر "ما كان الله ليفتح لعبدٍ باب الدعاء ويُغلق عنه باب الإجابة".

 

يقول العلماء إن من أسباب (استجابة الدعاء): الإخلاص في الدعاء؛ يقول تعالى: ﴿وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾، والإخلاص هو الاعتقاد الجازم بأن الله عزَّ وجلَّ هو وحده القادر على قضاء حاجة الداعي. التوبة والرجوع إلى الله تعالى؛ فإن المعاصي من الأسباب الرئيسية لحجب الدعاء فينبغي للداعي أن يُبادر إلى التوبة والاستغفار؛ يقول تعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾. التضرع والخشوع والتذلل والرغبة والرهبة، وهذا هو روح الدعاء ولبه ومقصوده؛ يقول تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. الإلحاح والتكرار وعدم الضجر والملل؛ فقد رُويَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً. الدعاء حال الرخاء والإكثار منه في وقت اليُسر والسَعة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: [تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ]. التوسل إلى الله بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى؛ يقول تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾. حُضُورُ القَلْب في الدعاء واختيار جوامع الكلم وأحسن الدعاء وأجمعه وأبينه، وخير الدعاء ما ورد في القرآن الكريم، وما دعى به النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز الدعاء بغيره مما يخص الإنسان به نفسه من حاجاتٍ، وألا يدعو بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ، وأَنْ يَكُونَ مطعمُه ومشربُه وملبسُه من حلالٍ.

ومن آداب الدعاء، وليست واجبةً، استقبال القبلة، والدعاء على طهارةٍ، وافتتاح الدعاء بالثناء على الله عزَّ وجلَّ وحمده والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، رفعُ الأيدي في الدُّعاء، خفضُ الصوتِ ليكون بين المخافتة والجهر، عدمُ تكلُّف السجع، الدعاءُ ثلاثاً.

كما أن هناك أوقاتاً وأحوالاً وأماكن هي مظنة (استجابة الدعاء) منها: ليلة القدر، جَوْفُ الليلِ الآخِر، ساعةُ من كُلِّ ليلةٍ، عِندَ النِّدَاءِ للصلوات المكتُوبة، عَقَبَ الوُضُوءِ، بين الأذان والإقامة، بعد التشهُّد الأخير، دُبْرُ الصلاةِ المكتوبةِ، عِندَ نُزُولِ الغيثِ، عند زَحفِ الصُّفُوفِ في سبيل الله، ساعةٌ من يومِ الجُمْعَة، في السجودِ، عند الاستيقاظ من النَّومِ ليلاً، عقب وفاة الميت، دُعاءُ المُسلم لأخيهِ المُسلم بظهرِ الغيب، يوم عَرَفَةَ، عند شُرب ماءِ زمزم، في شهر رَمَضَانَ، في مجالسِ الذِّكْر، دُعاءُ المظلوم على من ظلمهُ، دُعَاءُ الوالِد لولَدِهِ، دعاءُ المسافِر، دُعَاءُ الصائمِ عِنْدَ فِطْرِهِ، دعاءُ المُضطرِّ، دُعاءُ الإمام العادل، ودُعَاءُ الوَلَدِ البارِّ بوالدِيهِ لهما.

 

أحبتي.. الدعاء هو السلاح الذي لا يُرد؛ فلنُكثر من الدعاء، ولنُنزل حوائجنا بملك الملوك الذي لا تنفد خزائنه.

اللهم ارزقنا حُسن الدُعاء، وجَمِّلنا بالصبر، وأنعم علينا بسرعة (استجابة الدعاء) بما فيه خيرٌ لنا، برحمتك وفضلك يا أكرم الأكرمين.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

 

https://bit.ly/3SHhD9h