الجمعة، 17 نوفمبر 2023

غيّر القرآن حياتي

 خاطرة الجمعة /421

الجمعة 17 نوفمبر 2023م

(غيّر القرآن حياتي)

 

أختٌ تحكي عن قصتها مع القرآن الكريم؛ فتقول:

كنتُ مواظبةً على تلاوة القرآن، وكان لي منه وِردٌ يومي، وبدأتُ في حفظ بعض أجزائه، كنتُ أحفظ الجزء الواحد من القرآن الكريم في سنةٍ كاملةٍ وأنسى، وأعيد الحفظ مرةً أخرى وأنسى. ظللتُ على هذه الحال أربع سنواتٍ ثم تزوجتُ؛ فتركتُ تلاوة القرآن، وأهملتُ حفظه، وانشغلتُ بزوجي وأبنائي. إلا أنني أحسستُ أنني تُهتُ وضِعتُ وسط الدنيا وهمومها، كانت الحياة شقاءً، وضنكاً مستمراً لا ينتهي؛ ما إن تنتهي مصيبةٌ إلا وأدخل في غيرها، لا أرفع رأسي من همٍ إلا ويزلزلني غمٌ أشد، حتى مرضتُ مرضاً شديداً كدتُ أفارق الحياة بسببه. سئمتُ من الدنيا وما فيها من ألمٍ مستمر. شظف العيش أثقلني حتى الإنهاك. استمر هذا الحال معي حتى استمعتُ قدراً إلى هذه الآية: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً)، كانت الآية تعريفاً صادقاً لانكبابي على الدنيا؛ فرغم بذلي أقصى جهدي لإسعاد مَن حولي لم أحظَ برضاهم، وما استطاعوا هُم أن يسعدوني. خلوتُ إلى نفسي، وتأملتُ فيما تغير من أحوالي؛ فتذكرتُ هجري للقرآن، وقررتُ أن أعود إليه؛ بيقينٍ كاملٍ أن فيه خلاصي من حالة الضنك التي أحكمت حلقاتها على حياتي كلها. وسبحان الله ما إن عدتُ إلى القرآن، حتى تفتحت أمامي أبواب الخير، وأُغلقت أبواب الشر، وطوقني الله بهالةٍ من التحصين الدائم؛ فإذا بالساخطين وقد صمتوا، وبالمادحين وقد ظهروا، وبالظالمين وقد اختفى ظلمهم. وعندما بدأتُ في الحفظ كنتُ أُكرر الآيات طوال اليوم؛ عندما أُعد الطعام، عندما أكوي، عندما أُرتب حاجيات أبنائي، وحتى عندما أجلس في اجتماعات الأهل والأصدقاء، كثيرة الأفراد قليلة الفائدة اللهم إلا من صلة الرحم.

بدأت حياتي تتغير بشكلٍ مذهلٍ؛ فقد (غيّر القرآن حياتي) للأبد:

-المرض الذي كان فرداً من أفراد عائلتي فارقني في ذلك العام، وتبدل مقعدي؛ فبدلاً من أن يكون في انتظار الدخول إلى الطبيب صار مقعداً في مجالس القرآن تعلماً وتعليماً.

-السخط الذي كان يُقلبني على جمر الألم كل يومٍ، تحوّل إلى رضىً عميقٍ وإحساسٍ بأن الله قد كافأني على أحزاني وصبري بالجائزة الكبرى فلا نعمة مثلها أبداً.

-الفوضى التي كنتُ أعيشها حينما كانت تتقاذفني أيادِ مَن حولي يُمنةً ويُسرةً، أضحت حياةً في غاية التنظيم رغم الانشغال الشديد؛ اليوم درس التجويد، اليوم درس التفسير، اليوم درس الحفظ، بل وأصبح مَن حولي ينظمون حياتهم حسب مواعيدي القرآنية، بعد أن كنتُ أقلب حياتي رأساً على عقب حسب نزعاتهم وتبعاً لرغباتهم التي لا تستند إلى منظورٍ قرآنيٍ ربانيٍ واعٍ.

-المشاكل، وهي أمرٌ لا تخلو الحياة منه فقد خُلقنا في دار ابتلاءٍ، اختلفت معالجتي لها؛ أصبحتُ أكثر فطنةً وحكمة. لقد (غيّر القرآن حياتي) بالفعل، وكان المدد الإلهي لي لا ينتهي.

 

أحبتي في الله.. علَّق ناشر قصة هذه المرأة بقوله إنها تغتسل بالقرآن ليل نهار، وتتقلب في طُهره وعِطره وجماله، وصدق عليها قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

 

وبالتأكيد ليست صاحبة القصة وحدها هي التي تقول: (غيّر القرآن حياتي)؛ فهناك كثيرٌ من الناس يقولون مثل قولها. وهذه، على سبيل المثال لا الحصر، مجموعة قصصٍ واقعيةٍ قصيرةٍ تشهد على ذلك، أنقلها لكم كما عبَّر عنها أصحابها:

 

-كثيراً ما أقوم بتأنيب نفسي عند كسلي عن القيامِ بما يجبُ على مثلي وأنا أقرأ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ فكنتُ إذا قلتُ قولًا ثمَّ تكاسلتُ في فعله أهذِّب نفسي بهذه الآية، فأفعل هذا الأمر من غير تكاسلٍ، ولله الحمد.

-كانت لي قصةٌ مع هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ فقد كنتُ طالبةً بالتَّحفيظ وتدبَّرتُها، وأثَّرتْ على سلوكي فجاهدتُ حتَّى بَلَّغني ربِّي مستوىً ومكانةً عاليةً في حفظ القرآن وفي تحفيظه، ولله الحمد.

-كان بيني وبين الصُّحبةِ الصَّالحة بعضُ المشاكل حتَّى وسوس لي الشَّيطان تَرْكَهم، فقرأتُ قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ‌ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ فكان ذلك أعظمَ مثبِّتٍ لي معهم.

-كنتُ سابقاً أهتم بشؤون الحياة كثيراً، وأرهق نفسي بذلك، وعندما تفكَّرْتُ في هذه الآية: ﴿يُدَبِّرُ‌ الْأَمْرَ﴾ أيقنتُ أن الله جلَّ وعلا هو المدبِّر المتصرِّف في خلقه، وأنَّ على المؤمن أن يتوكَّل على الله، ويعمل بالأسباب.

-كنتُ كثيرةَ العصيانِ في أوقاتِ الخُلوة، وأشْعُرُ بالنَّدم وأنا وحدي، وبعد فترةٍ كنتُ مع رفقةٍ صالحةٍ، وتذكّرتُ أمري، ودعوتُ الله أن يغفرَ لي، وأمسكتُ المصحف؛ فوَقعَتْ عيناي على قوله: ﴿رَّ‌بُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورً‌ا﴾، فبكيتُ، وعزمتُ على تزكيةِ نفسي؛ لتكونَ أهلاً للمغفرة.

-الآيةُ الكريمة: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَ‌حُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ كانت درساً لي، عندما قرأتُها شَعرتُ كأني المخاطبة بها؛ أريد الجنَّة، وأريد رؤيةَ الله سبحانه، لكن أين العمل؟! ومن لحظتها قرَّرتُ الاجتهادَ في العمل الصَّالح.

-من أعظم الأشياء الَّتي كانت تصدُّني عنِ التَّوبة: تلبيس الشَّيطان عليّ في القنوط من رحمة الله، وأنِّي صاحب ذنبٍ لا يُغتفر؛ حتَّى قرأت: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ‌ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ إلى: ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُ‌ونَهُ﴾ فإذا كان اللهُ فَتَحَ بابَ التَّوبةِ لمن نَسَبَ له الصَّاحبة والولدَ فكيف بمن دونه!

-أنا طالبُ علم، وذاتُ مرّةٍ توقَّفْتُ عند قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ‌ الْآخِرَ‌ةَ وَيَرْ‌جُو رَ‌حْمَةَ رَ‌بِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ‌ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ فبكيتُ كثيراً على ضياع ليالٍ كثيرةٍ، وأنا لم أُشرّف نفسي بالانتصاب قائماً لربِّي ولو لدقائق، فكان هذا البكاءُ مفتاحاً لبدايةٍ أرجو أن لا تتوقف حتَّى ألقى ربِّي.

-آيةٌ عشتُ معها، وأصبحَتْ منهجاً في حياتي: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ‌ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ فإذا حدثتْني نفسي، خصوصاً إذا كنتُ خالياً وعلى النِّت، أن أرى ما لا يرضيه سبحانه؛ جاءتْ هذه الآيةُ أمامي لتردعني.

-هذه الآية: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ﴾ غيّرتْ حياتي؛ فأصبحتْ عباداتي وشؤونُ حياتي اليوميَّة، مع زوجي وأبنائي ومع الصَّغير والكبير بل والقريب والبعيد، على أساس تعظيم شأن كلِّ طاعةٍ ومعروفٍ وإحسانٍ وبرٍّ، مهما صغر ولم يؤبه به، وكذا تعظيم المعصية أو الإثم والسَّيِّئة والأذى مهما قَلَّل أو احتقر شأنَها الآخرون، فصِرتُ أنصحُ وآمر وأنكر بها.

-الآية الكريمة: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَ‌حُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾، كان لها أكبر الأثر على سلوكي؛ فوالله الَّذي لا إله غيره، لقد جَرَّبتُ الحالتين، ولَمَسْتُ الفرقَ الَّذي أثبتته هذه الآية؛ حين نَفَت التَّماثل بين حالةِ العاصي وحالةِ المؤمن.

-عالجتُ مشكلةَ ضعف الخشوعِ في صلاتي بتذكُّر هذه الآية: ﴿وَعُرِ‌ضُوا عَلَىٰ رَ‌بِّكَ صَفًّا﴾، فكلَّما تذكَّرتُ الوقوفِ بين يدي اللهِ والعرض عليه، وأنا أصلِّي، زاد خشوعي حينها؛ لأنَّ صفةَ العرضِ في الصَّلاة تشبه صفةَ العرض يوم القيامة.

-هذه الآية غيرتني: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ‌ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، فعندما تأملتُها قلتُ لنفسي: أنا لن أدخل الجنَّة حتَّى أُنفق ممَّا أحبُّ، وكنتُ أُحبُّ النومَ فصرتُ أَتركُ منه جزءاً كبيراً وأقوم الليل، ولمّا أضعف أتذكَّر هذه الآية.

-هذه الآية: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ كان لها وقعٌ عظيمٌ في نفسي؛ فكلَّما وقَعَتْ خصومةٌ أو سوء فهمٍ، تدبَّرت هذه الآية، واجتهدتُ في الإحسان، فأجِد تسامحاً عجيباً، وقناعةً ورضىً عن نفسي ولله الحمد.

-تمرُّ بنا أحياناً ضائقةٌ قد تبكينا أو حتَّى تدمينا ألماً، ولكنِّي أُعزي نفسي بقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ‌ يُسْرً‌ا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ‌ يُسْرً‌ا﴾ فوجدتُ الرَّاحة التَّامة، حتَّى وأنا في أَحْلِك الظُّروف أبتسم، لأنِّي أعلم يقيناً أن بعد العسر يُسرين.

-قد يَضيقُ صدرُك إذا سمعت ما يؤلمُك، وقد تحزن لذلك، وقد تهتمُّ كثيراً، فتحتاج لمن يرأفُ على قلبك، ويُذهبُ ما أهمك، تدبَّرتُ قوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُ‌كَ بِمَا يَقُولُونَ . فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَ‌بِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ﴾، فوجدتُ العلاجَ الشَّافي الكافي، فيا لعظمة هذا القرآن وجميل لذَّته.

-كنتُ مُعجَباً جِدّاً بالغرب وحضارته، وفي يومٍ من الأيَّام كانت جدَّتي معي في سيارتي، فأخذْتُ أحدّثُها عن حضارةِ الغربِ وتقدمِهم، فتَلتْ عليَّ قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرً‌ا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَ‌ةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ فأيقنْتُ أنْ لا شيء يعدل الإيمان.

-كنتُ واقعةً في ذنبٍ يشقُّ عليّ تركُه، وفي كلِّ مرةٍ أرتكبُه يتملّكني شعورٌ بالضَّيق الشَّديد، وفي أحد الأيَّام فتحتُ المذياع؛ فإذا بقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ يُرتِّله أحد القراء بصوتٍ مؤثَّرٍ جدّاً؛ فاقشعرَّ جسمي، وكان ذلك اليوم الحد الفاصل بين المعصية والإنابة إلى الله.

-كنتُ لا أعرفُ طريقَ المسجد، والحياةُ عندي عبثٌ في عبثٍ، فسمعتُ يوماً قارئاً يقرأ قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَ‌ضَ عَن ذِكْرِ‌ي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾، فتأمَّلتُ في حالي؛ فأحسستُ حقّاً أنَّ كلَّ ما كنتُ فيه من لهوٍ وعبثٍ وضلالٍ؛ ليس إلا لهثاً وراء سعادةٍ زائفةٍ؛ فأطفأتُ السِّيجارة، وأشعلتُ أنوار الإيمان، أسأل الله الثَّبات.

-كنتُ متهاونةً في أمر الصَّلاة، وأعيشُ في ضيقٍ، وتمرُّ بي أزماتٌ ومشاكل لا طاقة لي بها، وأتمنّى أنْ أجدَ حَلًّا، وفي أحدِ الأيَّام سمعتُ قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ‌ وَالصَّلَاةِ﴾، فانتبهتُ وقلتُ لنفسي: إنّ ربي يأمرُني أن أستعينَ بالصَّبر والصَّلاة، وأنا لا أزال مُفرِّطةٌ؛ فكانت نهاية التَّفريط في تَعلُّقي بالصَّلاة.

11- عندما أسمعُ أو أقرأ هذه الآيات: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِ‌عُونَ فِي الْخَيْرَ‌اتِ﴾، و{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّ‌بُونَ} أَتساءلُ: كم سبَقَنا إلى الرَّحمن من سابقٍ، وتَعِبَ في مجاهدتِه نفسَه، لكنَّه الآن صار من المقربين؟ فأعودُ إلى نفسي وأحتقرُها إذا تذكَّرتُ شديدَ تقصيرِها، وأقول: يا ترى أين أنا؟

 

أحبتي.. قال أحد العلماء: "مَن قَرأ القُرآن طَالباً الهُدىٰ أخذَ الله بيدهِ حتىٰ يبلغهُ فَوق مَا أرَاده"؛ وقال غيره: "لا تُعطي القرآن فضلة وقتك، وإنما أعطه أفضل وقتك". وأقول لمن يُخصص للقرآن وقتاً من يومه أقل مما يُخصص لمتابعة تطبيقات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت: "راجع نفسك!".

أحبتي لنقرأ القرآن دوماً ونتدبر معانيه، وليكن لنا وِردٌ يوميٌ للتلاوة، حتى لا نكون ممن اشتكاهم الرسول صلى الله عليه وسلم لله رب العالمين حين قال: ﴿يَا رَ‌بِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَـٰذَا الْقُرْ‌آنَ مَهْجُورً‌ا﴾. ومن استطاع منا حفظ كتاب الله فليفعل، ومن كان بمقدوره أن يُعلِّم غيره القرآن فلا يتردد. وقتئذٍ يستطيع كل واحدٍ منا أن يقول: (غيّر القرآن حياتي)؛ إذ تطمئن نفوسنا، وترتاح قلوبنا، وتهدأ صدورنا، وتسكن جوارحنا، ونشعر بحلاوة القرآن الكريم، ولذة تلاوته وتدبره.

أعاننا الله على ذلك، وأضفى على حياتنا الهدوء والسكينة والاطمئنان والبركة. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

https://bit.ly/40MWz3F