خاطرة الجمعة /515
الجمعة 5 سبتمبر 2025م
(دُعاء
ذي النون)
قصةٌ
واقعيةٌ مؤثرةٌ ومُعبِّرةٌ، حدثت منذ عدة سنواتٍ. ففي أحد أيام شهر رمضان المبارك،
قرر أبناء رجلٍ مُسنٍ يسكن في قصرٍ بمدينة «الرياض» أن يُسافروا إلى منطقتهم في
الجنوب لزيارة بعض أقاربهم، وقد دعوا أباهم لمُشاركتهم السفر والزيارة، لكنه اعتذر
رغبةً في الراحة. غادر الأبناء «الرياض» تاركين والدهم وحيداً في القصر. لم يكن
يشكو من أي مرضٍ، بل كان نشيطاً، يخرج إلى المسجد للصلاة ويعود إلى منزله.
يقول الرجل
المُسن: كنتُ أشعر بالعافية والحيوية والحمد لله.. في ذلك اليوم صليتُ العصر وعدتُ
إلى البيت، وخلعتُ ملابس الخروج، وارتديتُ ملابس المنزل، ثم أردتُ الصعود إلى
الطابق العُلوي. لدينا مصعدٌ داخليٌ، وبطبيعتي لا أستخدمه إلا نادراً، ولكنني في
ذلك اليوم كنتُ مُتعباً قليلاً وصائماً، فقررتُ استخدامه، لقدَرٍ أراد الله أن
يقضيه سُبحانه وتعالى!
ركبتُ
المصعد وضغطتُ الزر للصعود، وما إن بدأ المصعد بالتحرك قليلاً للأعلى حتى انقطعت
الكهرباء؛ فتوقف وانطفأت الأنوار، وساد الظلام والسكون في هذا الصندوق الحديدي.
حاولتُ مِراراً الضغط على الأزرار، ولكن دون جدوى، لا أستطيع الصعود، ولا أستطيع
النزول، ولا أستطيع الخروج من المصعد! ومن الأمور العجيبة أنه لم يكن معي -على غير
العادة- هاتفي المحمول، ولا توجد أية وسيلة اتصالٍ أو تواصلٍ مع الآخرين، ولا يوجد
أحدٌ في المنزل سواي. جلستُ داخل المصعد أنتظر أن تعود الكهرباء، وأنا أُقدِّر
أن الانقطاع لن يطول، قد يعود بعد دقائق قليلةٌ.. لكن مرَّت نصف ساعةٍ، ثم ساعةٌ،
وامتد الوقت إلى عدة ساعاتٍ، وأنا محبوسٌ في هذا الصندوق! في ذلك الظرف تملكني
شعورٌ يجمع بين الخوف والقلق، ثم بدأتُ في مُحاسبة الذات؛ جلستُ أُفكِّر في النِعم
التي أعيشها: قصرٌ، أموالٌ، أبناءٌ، راحةٌ، حياةٌ هانئةٌ مُستقرةٌ.. لكنني الآن،
عاجزٌ عن أن أصل إلى هاتفي الذي لا يبعد عني سوى أربعة أمتارٍ، ولا أستطيع الوصول
إلى أي شخصٍ، ولا إلى أي شيءٍ حولي، وأنا في قلب مدينة «الرياض»، محاطٌ بالناس،
لكن لا أحد يراني، لا أحد يسمعني وإن صِحتُ بأعلى صوتي، ولا أحد يعلم حتى بمكاني!
كم هو الإنسان ضعيفٌ جداً، وإن ادّعى القوة، واغتر بالنفوذ والسُلطة، وطغى بما
يملك من المال والمكانة!
من بعيدٍ
وصلني صوت المؤذن يؤذن لصلاة المغرب، فتيمَّمتُ وصليَّتُ على بلاط المصعد، وجلستُ
أُسبِّح وأستغفر الله، لم يكن يهمني وقتها أني لم أُفطر؛ فقد كان همي أكبر من ذلك.
ثم أتى وقت صلاة العِشاء فتيممتُ مرةً أُخرى وصليتُ. بعد صلاة الفرض والتسبيح
وصلاة السُنة، استحضرتُ قصة الثلاثة الذين حُبِسوا في الغار، ودعوا الله بأفضل
أعمالهم الصالحة؛ فقلتُ: "يا ربِ، إنْ كنتَ قد وفقتني لشيءٍ من الخير والعمل
الصالح وقبلته، فارحمني، وفرِّج عني ما أنا فيه كما فرّجتَ عنهم"، وبقيتُ على
هذا الحال؛ أُسبِّح وأدعو الله وأستغفر، حتى عاد التيار الكهربائي، ففرحتُ فرحةً
غامرةً، لكنها -كمعظم لحظات الفرح- لم تستمر طويلاً؛ إذ لم يتحرك المصعد، ويبدو
أنه يحتاج إلى إعادة برمجة؛ فقد ضغطتُ على الأزرار مِراراً دون جدوى، دقائق مرَّت
بين الأمل واليأس انتهت بأن انقطع التيار الكهربائي مرةً أخرى!
شعرتُ في
هذه الساعات القلقة بالضعف والعجز التام؛ فلا أنا أفطرتُ، ولا أكلتُ ولا شربتُ،
وأنا مريضٌ بالسُكري، وتساءلتُ: "كم نحن مُقصِّرون في حق الله؟ وكم نحن
غافلون عن الكثير من نِعمه السابغة علينا؟ ولكن مع الأسف.. لا نشعر بوجودها
وقيمتها إلا إذا فقدناها!".
فوضتُ أمري
إلى الله، وتوكلتُ عليه، واستسلمتُ لقضائه وقدره، الذي دائماً يكون خيراً برحمته،
وقُلتُ في نفسي: "عسى أن تكون خاتمتي شهادةً، إن شاء الله تعالى"، ثم
تذكرتُ قصة سيدنا يونس عليه السلام حين التقمه الحوت في ظُلمات البحر، ودعاءه حين
أناب إلى الله واستغفره؛ فأنجاه سُبحانه وتعالى مما هو فيه، إنه (دُعاء ذي النون):
﴿لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، أخذتُ
أُردد هذا الدُعاء، حتى استجاب الله لدعائي؛ فبعد نحو ربع ساعةٍ عاد التيار
الكهربائي من جديدٍ؛ فسارعتُ للضغط على الزر، فبدأ المصعد بحمد الله يتحرك، ثوانٍ
قليلةٌ ووصلتُ الطابق العُلوي وانفتح الباب، وخرجتُ منه فَرِحاً على عجلٍ؛ حيث
شعرتُ وأنا أخرج كأنني خرجتُ من القبر! وأني قد عُدتُ بفضل الله إلى الحياة من
جديد! خرجتُ من المصعد وأنا في حالٍ لا يوصف من الضيق والحزن، والوجه الشاحب،
والملابس المبتلة من العرق.. وواللهِ لو قيل لي حينها: "هل تُعطينا قصرك وكل
أموالك، مُقابل أن تخرج من هذا المصعد -الذي كان بمثابة القبر-؟"، لقلتُ:
"موافقٌ، خذوها كلها وأخرجوني للحياة!
ختم الرجل
قصته مُعتبراً ومُذكِّراً قائلاً: "في لحظةٍ واحدةٍ، تغيَّرت الدنيا في
عينيّ، وانقلبت عكس الاتجاه! كنتُ أعيش في النِعم، فإذا بها تسجنني، وكنتُ أملك كل
شيءٍ، وفجأةً لم أعد أملك شيئاً، حينها أيقنتُ أن الفرج لا يكون بقوةٍ، ولا بمالٍ،
ولا بمنصبٍ، بل هو بيد الله وحده.. الذي أعطانا -بفضله- الكثير من النِعم: العُمر،
الوقت، المال، الصحة والعافية، الأبناء، وغير ذلك. أدركتُ أن الإنسان، مهما بلغ من
النِعم الكثيرة، فإنه يبقى ضعيفاً جداً، ومُحتاجاً إلى ربّه ومولاه في كل لحظةٍ
ليرعاه ويحفظه ويتولاه.. وأنه ينبغي علينا -مع تعودنا على ما نعيش فيه من نِعمٍ-
ألا أن نغفل عن ذِكر الله وشكره، وعلينا أن نُردد باستمرار (دُعاء ذي النون) حين
قال: ﴿لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
خاصةً إذا كُنا نمر بظروفٍ صعبةٍ وأوقاتٍ عصيبةٍ، ندعو ونحن موقنون بالإجابة، إنه
دُعاء فك الكرب وإزالة الهم والغم والتغلب على الضيق والضجر، ندعو بثقةٍ من غير
يأسٍ ولا قنوط.
أحبتي في
الله.. ومن المواقف التي كتبها بعض الأشخاص في أحد مواقع التواصل الاجتماعي
الشهيرة عن (دُعاء ذي النون)؛ كتب أحدهم: عند زلزال «تركيا» الذي وقع بتاريخ
السادس من شباط عام 2023م، بقيتُ تحت الأنقاض مع عائلتي لمدة أربعة أيامٍ، وكنتُ
أُردد هذا الدُعاء كثيراً، ومع هذا الدُعاء، والحمد لله رب العالمين، نجَّانا
الله؛ فشكراً له.
وهذا آخر
قال: والذي نفسي بيده، يا إخوتي، لقد دعوتُ بهذا الدُعاء وأنا في الحجز، وسط
شدائده، وقد مُنِعتُ حتى من دخول دورة المياه –أكرمكم الله- وكانت مُشكلتي التي
أُوقفت بسببها تُنذر بحكمٍ قد يصل إلى السجن لأكثر من سنتين، فانقطع أملي من كثرة
التحقيقات والضرب والعذاب. حينها تذكرتُ هذا الدُعاء، فدعوتُ به، واللهِ لقد
تغيّرت مُعاملة السجّان فجأةً، فأصبح ألطف من الأخ، واعتذر مني، وفرّّج الله عني؛
فأفرِج عني وعدتُ إلى بيتي وعائلتي، الحمد لله، الحيّ السميع، الذي يسمع دُعاء من
دعاه.
لا يوجد
إنسانٌ واحدٌ على ظهر هذه البسيطة إلا ويعتريه الهم والغم والكرب والخوف والحُزن
والقلق، في بعض أيام حياته، حتى أنه قد يصل إلى حالة فقدان الأمل، فإذا ذَكَرَ
الله ودعاه بإخلاصٍ ويقينٍ، استجاب له وخفَّف عنه وأزال همَّه وغمَّه وفك كَربه؛
يقول تعالى: ﴿إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ
الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا
دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ
اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾.
وعن (دُعاء
ذي النون) ﴿لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
قال أهل العلم إن هذا الدُعاء تضمن من كمال التوحيد والعبودية: إثبات كمال
الألوهية واختصاصها باللَّه عزَّ وجلَّ بقول ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ﴾. وإثبات
كمال التنزيه للَّه تعالى عن كل نقصٍ وعيبٍ وسوءٍ، لكماله تعالى من كل الوجوه بقول
﴿سُبْحَانَكَ﴾. والاعتراف بالذنب والخطأ المُتضمن لطلب المغفرة، المُستلزم لكمال
العبادة من الخضوع، والذُل للَّه تعالى بقول ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
وكأنّ لسان
حال الداعي يقول: يا ربّ أنت الواحد المُتفرد بالألوهية، المُنزّه عن كل نقصٍ
وعيبٍ، إن ما وقع لي ليس بظلمٍ منك، بل إني أنا قد ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي.
ذَكَر ظلمه لنفسه، ولم يطلب من اللَّه بصيغة الطلب الصريح أن يغفر له ذنبه؛ فكأنه
يقول: إن تُعذبني فبعدلك، وإن تغفر لي فبرحمتك.
وتأتي
البُشرى في قوله تعالى في الآية التالية: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾؛
فـ"الفاء" تُفيد التعقيب دون مُهلةٍ، و"الألف، والسين،
والتاء" تُفيد المبالغة بالإجابة الواسعة العظيمة. ثم قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ
نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ فكما أنجينا يونس من كرب الحبس في بطن الحوت في البحر
حين دعانا، كذلك نُنجي المؤمنين من كربهم إذا استغاثوا بنا، ودَعَوْنا. وهذه
البشارة، والوعد العظيم الذي لا يتخلف من اللَّه ربّ العالمين لكل مؤمنٍ ومؤمنةٍ
إذا وقع في الشدائد والهموم، فدعا ربه القدير بهذه الدعوة العظيمة بصدقٍ وإخلاصٍ
أن يُنجيه ويُفرِّج عنه.
وجاءت هذه
البشارة كذلك عن سيد الأولين والآخرين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال:
[دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ: ﴿لا إِلَهَ إِلا
أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا
رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ].
وفي روايةٍ
أُخرى عنه صلى الله عليه وسلم قال: [أَلاَ أُخْبِرُكُمْ أَوْ أُحَدِّثُكُمْ
بِشَيْءٍ إِذَا نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْكُمْ كَرْبٌ أَوْ بَلاَءٌ مِنْ أَمْرِ
الدُّنْيَا دَعَا بِهِ فَفَرَّجَ عَنْهُ؟]، فقَالُوا: بَلَى، قَالَ: [دُعَاءُ ذِي
النُّونِ ﴿لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾].
قال العلماء
إن (دُعاء ذي النون) فيه من جوامع الأدب، والكلم الطيب فوائد كثيرةٌ؛ منها: أن
الدُعاء كما يكون طلباً صريحاً يكون كذلك تعريضاً مُتضمِناً للطلب. وأن هذه الصيغة
جمعت آداب الدُعاء، وأسباب الإجابة، فيحسن بالعبد أن يُكثر منها في دُعائه حال
الكرب، والغم، والهم، والشدائد. وأن هذه الدعوة فيها كمال التوحيد، والإيمان
باللَّه تعالى. وأن فيها دلالةً على أن التسبيح سببٌ للإنجاء من الكرب والهمّ. وأن
التوحيد والإيمان والإقرار بالذنوب من أكبر أسباب النجاة من مهالك الدُنيا
والآخرة. وأن الذنوب من أعظم الأسباب الموجبة لزوال النِعم، وحصول النِقم. وأنه
ينبغي أن يدعو العبد بحسن ظنٍّ عظيمٍ في حقّ ربه تعالى حال دُعائه؛ فإن اللَّه
تعالى يُعامله على حسب ظنّه به. وأن ما يقع على العبد من المصائب فإن سببها تقصيره
في حق ربه تعالى. وأن كل الخلق، مهما كانت رُتبهم ومنزلتهم، مُفتقرون إلى اللَّه
تعالى فعليهم أن يفرّوا إليه وحده -دون غيره- بالدُعاء والرجاء والرغبة والرهبة.
يقول
الشاعر:
يا
مُجيباً (دُعاء ذي النون)
في
قرارِ البحار
استجبْ
دعوةَ المحزون
قد
دعا باضطرار
لك
أمرٌ بالكافِ والنون
ولك
الاقتدار
أحبتي.. من
المُريح للنفس أن تكون الآية التالية للآية التي ورد فيها (دُعاء ذي النون) هي
بشارةٌ تحمل الأمل لكل مهمومٍ ومكروبٍ وصاحب حاجةٍ؛ يقول تعالى: ﴿فَاسْتَجَبْنَا
لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾، إنه وعدٌ
ربانيٌ لكل مَن قال هذا الدُعاء؛ والله لا يُخلف الوعد؛ يقول تعالى: ﴿وَعْدَ
اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾، ويقول عزَّ وجلَّ: ﴿وَعْدَ اللَّهِ
حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا﴾. لكن علينا أن ننتبه إلى أن الآية
الكريمة تُشير إلى أن هذه البُشرى بالنجاة من الغم هي للمؤمنين؛ فلندعو الله
بإخلاصٍ وإلحاحٍ وثقةٍ وحُسن ظنٍ ويقينٍ كاملٍ أن يجعلنا من المؤمنين، وأن يستجيب
دعاءنا. قيل: "مَن وُفِّق للدعاء أُعطيَ الإجابة"؛ اللهم وفقنا للدعاء
بـ(دُعاء ذي النون)، واستجِب لنا كما وعدتنا بقولك: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي
عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.