خاطرة الجمعة /512
الجمعة 15 أغسطس 2025م
(إنها صلاة الفجر)
قصةٌ
واقعيةٌ هي من أعجب ما قرأتُ، نشرها صاحبها بعنوان "أنا والفَجر"، كتب
يقول:
يا إلهي،
إلى متى سوف أبقى مُقصِّراً في صلاة الفجر؟! يوماً حاضراً وعشرة أيامٍ قضاءً،
يوماً في المسجد ومائة يومٍ في البيت، متى سيُصلح الله حالي؟! ولأنه كما
يُقال: "ما خاب مَن استشار"؛ فقد سألتُ وسألتُ، وكانت خلاصة التوصيات
كما يلي:
-"الدعاء؛
فأنت بالله قويٌّ وبنفسك ضعيفٌ؛ فاسألِ اللهَ العونَ".
-"النوم
مبكِّرًا؛ فقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلَّم يَكره النومَ قبل العشاء، والسمرَ
بعدها".
-"لا
تَنَم خلال النهار؛ حتى لا تُصاب بالقلق عند النوم، ولِتجد الرغبة الشديدة فيه
مُباشرةً بعد صلاة العشاء".
-"استخدِمْ
مُنبهاً؛ حتى يُعينك على الاستيقاظ".
-"لا
تنم إلا على طُهور".
-"لا
نوم بعد صلاة الفجر؛ فهو وقت خيرٍ وبركةٍ ورزق".
وبدأتُ أعمل
بالتوصيات. لم أشعر بالنُّعاس في أول يومٍ، لكن ظللتُ راقداً؛ حتى تعتاد نفسي
الأمر، ولم أنم بعد الفجر ولا أثناء النهار، وبالكاد استطعتُ أن أبقى مُستيقظاً
حتى صلاة العشاء، وبمُجرد انتهائي من الصلاة، كان أجمل شيءٍ في الدُنيا هي
الوسادة، وذهبتُ في نومٍ عميقٍ لم أستيقظ منه إلا في التاسعة صباحاً. يا إلهي! ألم
يعمل المُنبه؟! بلى، عَمِل لكني لم أسمعه؛ فقد رُزقتُ نوماً ثقيلاً. شكوتُ
للناصحين ما حدث معي؛ فنصحني أحدُهم بزيادة عدد المُنبهات إلى اثنين، والتنويع في
أنواعها، وكانت النتيجة: الاستيقاظ في العاشرة صباحاً! شكوتُ للناصحين ثانيةً؛
فقال أحدهم: "سأرن جرس شقتك"، قُلتُ: "أنا في الطابق الثاني، وباب
العمارة مُغلقٌ، فأنَّى لك الولوج؟!" قال: "اترك بابَ العمارة مفتوحاً،
وسأصعد بعد أذان الفجر، وأرن جرس شقتك وأُوقظك"، عاتبتُه في الصباح:
"لماذا لم ترِن؟" قال مُتعجباً: "أنا لم أرِن؟! رننتُ الجرس ورننتُ
ورننتُ، حتى حان وقت إقامة الصلاة ولم تستيقظ؛ فذهبتُ إلى المسجد حتى لا تفوتني
الصلاة" قلتُ له: "واللهِ ما شعرتُ بشيء".
شكوتُ
للناصحين مرةً أُخرى؛ فقال أحدُهم: "اربط رِجلَك بحبلٍ، ودَلِّه لي من
النافذة، وسأسحب الحبل لإيقاظك". نعم، لقد استيقظتُ للصلاة -بحمد الله- ثلاثة
أيامٍ، لكن في اليوم الرابع عاتبتُه: "لماذا لم توقظني للصلاة؟" قال:
"حسبتك قد فارقتَ الحياة، فقد سحبتُ الحبل وسحبتُ وسحبتُ، حتى ظننتُك
ميتاً"، قلتُ: "واللهِ ما شعرتُ بشيء".
خطرت ببالي
فكرةٌ غريبةٌ، ذهبتُ لمهندسٍ كهربائيٍ وقلتُ له: "هذا جرسٌ بحجم جرس المدرسة،
أريدك أن تصِلَهُ بالمُنبِّه ليرن بدلاً من جرس المُنبه"، وبالفعل أجابني
لمَا طلبتُ، وصنع لي دائرةً كهربائيةً خاصةً بذلك، وأصبح جرس المدرسة يرنّ بدلاً
من المُنبه، ويتوقف بإيقاف المُنبِّه، ولا أُخفِي عليكم شدةَ الفزع الذي أصابني
لمّا رنَّ جرسُ المدرسة لأول مرةٍ، وكيف سارعتُ إلى إغلاقه، لقد استمرَّ قلبي يخفق
لعشرة دقائق مُتواصلةٍ بسرعةٍ كبيرةٍ من شدة الفزع، وبحمد الله عشرة أيامٍ
مُتواصلةٍ لم تفُتْني صلاةُ الفجر جماعةً في المسجد، حتى جاء اليوم الحادي عشر،
حيث استيقظتُ في الثامنة صباحاً؛ قلتُ في نفسي: "لا حول ولا قوة إلا بالله،
هل نسيتُ ضبط المُنبه أمس؟"؛ لكن عندما نظرتُ إلى المُنبه، وجدتُ جرس المدرسة
مُتفحماً "يا الله! ما الذي حدث؟!"، وبمُجرَّد خُروجي من العمارة، وجدتُ
الجيران بانتظاري، كُلهم يشكو لي ما أصابهم وعيالَهم مِن فزعٍ؛ بسبب مُنبِّه
المدرسة، الذي بقي يرنّ ويرنّ، والجيران يطرقون باب المنزل، وأنا نائمٌ، ولا حياة
لمن تُنادي، واللهِ ما سمعتُ صوتاً، ولا شعرتُ بشيءٍ مِن حولي! قال لي الجميع:
"إنك معذورٌ؛ فأنتَ قد ابتلاك الله بهذا النوم العميق، وأنت حالةٌ نادرةٌ لا
علاج لها".
لكني أُحبُّ
صلاة الفجر، ويعزّ عليَّ أن أُصلّيها قضاءً، وكيف يُصلي إخواني في المسجد، وأُصلي
في البيت كما النساء؟! لا، لا عذر لي، فما العمل؟ ذهبتُ إلى المسجد، صلّيتُ
العِشاء، وبعد فراغ الناس وانصرافهم، شاغلتُ المؤذِّن قبل إغلاقه للباب الخلفي،
ودخلتُ وبِتُّ في المسجد، فوجئ بي عند أذان الفجر، وسألني: "كيف
دخلتَ؟!" وزجرني عن فعل ذلك ثانيةً. قلتُ: "سأبيتُ، لا حل لمُشكلتي سوى
ذلك"، رفض رفضاً صارماً. جاء اليوم التالي، أخرَجَ المؤذن الجميع بعد صلاة
العشاء، وكان حريصاً على إخراجي، قُلتُ له: "سأبيتُ عند باب المسجد من الخارج"،
وبالفعل لمّا اكتسى الليل بالسواد، وخلَتِ الشوارع من المارة، أخذتُ وسادتي
وغطائي، وذهبتُ إلى الباب الخلفي وبِتُ عنده. أيقظني المؤذن قُبيل أذان الفجر وقال
لي: "فعلتَها؟" قُلتُ: "نعم، إن لم تسمح لي بالنوم في الداخل،
سأنام في الخارج". واستمرَّ الحالُ ثلاثة أيامٍ، حتى شعر بصدق حالي، فأعطاني
نسخةً من مفتاح المسجد، وسمح لي بالمبيت داخله، لم تفُتْني تكبيرةُ الإحرام خلال
خمس سنواتٍ، بحمد الله.
هل انتهى
الأمر؟ كلاَّ، ابتلاءٌ جديدٌ؛ فقد تزوَّجتُ! قُلتُ لزوجتي: "نومي ثقيلٌ،
فعليكِ الاعتمادُ بعد الله -عزَّ وجلَّ- في إيقاظي لصلاة الفجر". قالت:
"لا تعتمد عليَّ؛ فإني أستيقظ أحياناً، وأحياناً أُخرى لا أستيقظ؛ فالحال
بعضه من بعض"، سألتها: "فما العمل؟ أنا لا أستطيع الآن المبيت في
المسجد"، قالت: "لا أدري". حزنتُ حُزناً شديداً، ما العمل؟ تذكرتُ
قولهم: "معذورٌ؛ فأنتَ قد ابتلاك الله بهذا النوم العميق، وأنت حالةٌ نادرةٌ
لا علاج لها". قُلتُ: "كلاَّ، يا زوجتي، يا حبيبتي، أمامك خياران؛ فأنت
لستِ أغلى عليَّ من ديني: أن أُطلِّقك وأعود للمبيت بالمسجد، أو أن نتقاسم الليل؛
تسهرين إلى مُنتصف الليل وأنامه، ثم توقظينني وتنامين، فإن أذَّن الفجر أيقظتكِ،
تُصلين في البيت وأُصلي في المسجد"، فاختارت زوجتي الخيار الثاني؛ فكسبنا
كلَّ يومٍ قيامَ الليل في الثُلث الأخير، ولم تَفُتْنا صلاةُ فجرٍ أبداً، وصِرنا
قُدوةً حسنةً لأبنائنا، وأسأله -سُبحانه وتعالى- أن يغفر لنا تقصيرنا، ويقبل
صلاتنا، وأن يُدخلنا الجنة من باب الصلاة.
أحبتي في
الله.. لا أدري؛ أهذه القصة هي الأعجب أم تلك التي سبق ونشرتها في "خاطرة
الجمعة" رقم 375 المنشورة قبل حوالي ثلاث سنواتٍ، بعنوان "الصلاة خيرٌ
من النوم"، وأُلخصها فيما يلي:
مجموعةٌ من
جُنود الكتيبة الصينية المُشارِكة في حرب الخليج عام 1991م اعتنقوا الإسلام،
وبدأوا في أداء الصلوات في أوقاتها، بعيداً عن قادتهم، لكن المشكلة واجهتهم في
صلاة الفجر؛ فعندما علم قادتهم بتجمعهم في خيمةٍ واحدةٍ ليتناوبوا السهر كي لا
تفوتهم صلاة الفجر فرَّقوهم بين الخيام، فأخذ كلٌ منهم ساعته المُنبهة معه، لكنها
صودرت منهم، وكلما وجدوا طريقةً للاستيقاظ قُبيل الفجر لأداء الصلاة في وقتها
حاربهم هؤلاء القادة وسدوا عليهم المنافذ والأبواب، وفجأةً توصلوا لطريقةٍ
مُبتكرةٍ للاستيقاظ! اتفقوا على أن يشرب كل واحدٍ منهم كمياتٍ كبيرةٍ من الماء
قُبيل النوم لكي يستيقظ للذهاب للخلاء، ومن ثَمَّ ينظر إلى ساعته ويعلم كم بقي من
الزمن لصلاة الفجر، فإن قارب الوقت انتظر وصلى، وإلا شرب كميةً أُخرى من الماء.
ومع تكرار التجربة مِراراً قدَّرَ كُل واحدٍ منهم الكمية المُناسبة التي يشربها من
الماء وتجعله يستيقظ في وقتٍ مناسبٍ لصلاة الفجر!
وليس بعيداً
عما نتحدث عنه ما اطلعتُ عليه من شكوى أحسب أنها من أغرب الشكاوى؛ تقول الشاكية:
نحن خمس
شقيقاتٍ، أنا أكثرهن غِنىً، لكن لا أدري لماذا يأتي أقاربي لزيارة أخواتي بكثرةٍ،
وحينما يأتي موعد زيارتي لا يأتي سوى القليل منهم؟ فهم يزورون أخواتي الأربع كل
يومٍ، أما أنا فلا أكاد أرى إلا القِلة منهم؛ فهم مُقصرون جداً في زيارتي، بل
وينقطعون عن زيارتي أياماً عدة، ورُبما أسابيع وشهور، حتى أن بعضهم لا أكاد أراه
مُطلقاً وكأنني سقطتُ من اهتمامهم. بعض من يأتي منهم لزيارتي يأتي وبه كسلٌ وخمولٌ
غريبٌ! أما من هو مُصرٌ على عدم زيارتي فإنه يُقدِّم أعذاراً غير مقبولةٍ
مُطلقاً.. ماذا أفعل؟! أنا أكثر أخواتي عطاءً لمن يأتيني، لا أتهم أخواتي بالتقصير
أبداً.. ولكن الكُل يعرف أني الأكثر عطاءً.. كثيرون ينصحون أقاربي بأن يأتونني؛
فلديّ خيرٌ كثيرٌ، وأُعطي بكرمٍ من يأتيني، ومع ذلك يبتعدون عني.. وكأن لا حياة
لمن تُنادي.. ما المشكلة؟! لماذا هذا الهجران؟! ألستُ واحدةً من خمس أخواتٍ؟!!
لماذا يحرمونني أُنسهم؟! لماذا ينسونني؟!
هل تعلمون
أحبتي في الله من هي صاحبة الشكوى؟! إنها الغالية صلاة الفجر.
نعم (إنها
صلاة الفجر)، التي يقول عنها العارفون إنّ مَن لم يجعلها هدفاً أولياً يبدأ بها
يومه فلا خير في نومه، ولا خير في يومه؛ إنها الوحيدة التي يُقال في أذانها
"الصلاة خيرٌ من النوم"؛ ذلك أن النوم استجابةٌ لنداء النفس، والصلاة استجابةٌ
لنداء الله تعالى، هي خيرٌ من النوم؛ لأن النوم موتٌ والصلاة حياة، هي خيرٌ من
النوم؛ لأن النوم راحةٌ للبدن، والصلاة راحةٌ للروح، هي خيرٌ من النوم؛ لأن المؤمن
والكافر يشتركان في النوم، والصلاة لا يُصليها إلا المؤمن.
(إنها صلاة
الفجر) قيل عنها إن هواءها نقيٌ، وصلاتها براءةٌ من النفاق، هي يقظة قلبٍ ذاق
أسرار الحياة، وراحة روحٍ عرفت الطريق إلى الله، سجداتها تُسقط هموماً تراكمت على
أكتافنا، وتُريح قلوباً تضجّرت بالألم والحزن؛ فلا نبالغ إذا قُلنا إن صلاة الفجر
جنّة الدُنيا وسعادتها.
ما أجمل
الفجر؛ قُرآنه مشهودٌ؛ يقول تعالى: ﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾.
وسُنته [خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَما فِيهَا] كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
وفريضته مَن صلّاها [فَهو في ذِمَّةِ اللهِ] كما قال عليه الصلاة والسلام، وله
بشائر أُخرى كثيرةٌ أخبرنا بها المُصطفى صلى الله عليه وسلم، منها: [بَشِّرِ
الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ]، و[لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ
وَقَبْلَ غُرُوبِهَا]، و[مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ
نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى
اللَّيْلَ كُلَّهُ]، و[مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ جَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ،
صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ، وَصَلاَتُهُمْ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ]، و[مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ الفجر فِي جَمَاعَةٍ،
ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ
تَامَّةٍ]، ولا يُضيِّع كُل هذه الأُجور عاقلٌ؛ فمن باب المنطق والمصلحة -كما قال
أحد الصالحين- لو أن أحداً قال لك إن مَلِكاً من ملوك الدنيا ينتظرك الساعة
الرابعة فجراً كيف سيكون شعورك؟ وهذا مَلِكٌ من ملوك الدُنيا بَشَرٌ مثلك، فكيف
بملِك الملوك [يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ
الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي،
فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟]
كما أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، هل ستنام عن هذا الموعد؟ بالطبع لا. ولو أن
لديك سفرةً بالطائرة موعدها الساعة الرابعة فجراً، هل ستنام عن هذا الموعد؟ بالطبع
لا. بل لو قالوا لك أن من يُصلي الفجر في المسجد يحصل على ألف ريالٍ تُسلم له وهو
خارجٌ من باب المسجد هل كُنتَ تفوِّت هذه الفُرصة، وتنام عن هذه الفريضة؟ بالطبع
لا.
ومن باب
الذكاء والفطنة وحُسن الاختيار -والمؤمن كَيّسٌ فَطِنٌ- أن يُبعِد المُسلم عن نفسه
شُبهة النفاق؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: [إنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ
علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما
فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا، وَلقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلَاةِ،
فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فيُصَلِّيَ بالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي
برِجَالٍ معهُمْ حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ،
فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ بالنَّارِ].
(إنها صلاة الفجر) قيل عنها شعراً:
صَلاةُ
الفجْرِ عُنوانُ الفَلاحِ
ومِفْتاحُ
السَّعادَةِ، والنَّجَاحِ
إذا
نَادَى المؤَذِّنُ، أوْ تَناهَى
إلَى
أذْنيَّ "حَيَّ عَلى الفَلاحِ"
تَعَوَّدْتُ
البُكورَ بِكلِّ حَزْمٍ
وأسْرَعْتُ
الخُطَى قبْلَ الصَّبَاحِ
سَألتُ
اللهَ أنوَارًا، وهَدْيًا
وتَوفِيقًا
إلى سُبُلِ الصَّلاحِ
ألَا
يَا مَسْجدِي يمَّمْتُ وَجْهي
إلَيكَ،
وفِيكَ أبوابُ انشِرَاحِي
وَعِنْدَ
الفَجْرِ يملَؤني شُعُورٌ
بأنَّكَ
رَاحَتِي، كُلُّ ارتيَاحِي
هُدُوءُ
الكَونِ، والظَّلْماءُ حَوْلي
وحُبُّ
اللهِ يخفُقُ في جَنَاحِي
تسَابيحٌ
إذَا أوقَدْتُ منهَا
سَرَى
دِفْءٌ إلى كلِّ النَّواحِي
وَحِينَ
أُقِيمُ وجْهي في صَلَاتي
وقدْ
فكَّرتُ في الآيِ المِلاحِ
أعودُ،
وقدْ سَكَبتُ على الحنايَا
سُرورَ
الرُّوحِ يسْرِي في اندِياحِ
نداءُ
الفجْرِ أَبدَلني بِنَومِي
حَياةَ
الرُّوحِ يعبقُ للرّوَاحِ
فيا
ربي أدِمْ راحَاتِ قلبي
على
الطاعَاتِ، واختمْ بالنجَاحِ
أحبتي.. إن
أهل الفجر -كما يوصفون- فئةٌ مُوفقةٌ، وجوههم مُسفِرةٌ، وجباههم مُشرِقةٌ،
وأوقاتهم مُبارَكةٌ، فإن كنتَ واحداً منهم فاحمد الله أن هداك لهذا، ومَنَّ عليك
بهذه النعمة، وادعوه أن يُثبِّتك عليها ولا يحرمك منها، وإن لم تكن منهم فاضرع إلى
الله بالدُعاء أن يجعلك منهم، وخُذ بالأسباب، خاصةً أسباب الاستيقاظ قُبيل صلاة
الفجر.
اللهم
اجعلنا ممن قُلتَ فيهم: ﴿وَالذين هُمْ عَلَىٰ صَلَواتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾،
واجعلنا اللهم من أهل صلاة الفجر على وقتها، مع جماعة المُسلمين في بيتٍ من بيوتك،
حُباً وليس فرضاً، وثبِّتنا على أدائها على الوجه الذي يُرضيك عنا. اللهم لا
تحرمنا لذة الوقوف بين يديك في كل صلاةٍ، واجعل صلاة الفجر أحب لنا من الدُنيا وما فيها، واجعلها شاهدةً لنا
لا علينا، واجعلنا نرتاح بها وليس منها، إنك -سُبحانك- على كل شيءٍ قدير.
https://bit.ly/3HxJpCx
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق