خاطرة الجمعة /523
الجمعة 31 أكتوبر 2025م
(يهدي إلى الرُشد)
من أعجب قصص اعتناق الإسلام؛ قصة «توني»، وهي سيدةٌ أمريكيةٌ، كان عُمرها
ستاً وعشرين سنةً عندما أظهرت التحليلات الطبية إصابتها بسرطان المبيض -وهذا معناه
الموت المؤكد، واستحالة الإنجاب- انخرطت في بكاءٍ هستيريٍ مُتواصلٍ؛ فقد كانت أعظم
أُمنيةٍ لها في الحياة أن تكون أُمّاً. ظلت لعدة أسابيع في حالة انهيارٍ نفسيٍ
كاملٍ، لكن -وكما قيل بحقٍ- فإنه بعد المحنة تأتي المنحة. راحت تستعرض ما مضى من
حياتها، وأفاقت على الحقيقة التي شاء الله سُبحانه وتعالى أن تهتدي إليها. قالت
لنفسها: "إن لم يكن أمامي مفرٌ من الموت المؤكد فيجب -على الأقل- أن أُحاول
الوصول إلى هذا الإله الذي خلقني وخلق الأطباء والمرض؛ فلا ريب أنه يعلم كيف
يشفيني". لقد تملّكها اليأس تماماً من أسباب البشر؛ فلماذا لا تُجرّب
الاستعانة بقوةٍ عُليا تقدر على ما لا يقدر عليه أحد؟ راحت تُناجي الخالق باكيةً:
"أيها الإله العظيم.. إني أعلم أنك تراني وتسمع كلامي، حتى لو كنتُ لا أراك
ولا أسمعك.. سامحني، فأنا لا أعلم كيف أُصلى لك على الوجه الذي ترضى به.. أرني
الطريق إليك.. دُلني عليك.. أنت وحدك القادر على ما لا يقدرون عليه.. أنت تشفيني إن
شئتَ.. أعطني طفلاً، كما أعطيتَ «مريم» طفلاً بلا أب، وكما خلقتَ اّدم بلا أبٍ أو
أُمٍ.. يا من بيده كل شيءٍ أعلمه أو أجهله.. أنا أحتاج إليك فلا تتخلّى عني".
قررت «توني» أن تقضي ما تبقّى من حياتها القصيرة في البحث والقراءة؛ فاتجهت
إلى مكتبةٍ عامةٍ قريبةٍ من بيتها، وراحت تقرأ كل ما عثرت عليه من كُتب الأديان
والعقائد المُختلفة، لكنها لم تقتنع بشيءٍ منها، حتى عثرت على ترجمةٍ لمعاني
القراّن الكريم، وفور قراءة معاني بعض السُور الكريمة أدركت أنها قد وجدت ربها
الواحد الأحد، الذي لا شريك له ولا ولد. ذهبت بعد عدة أيامٍ إلى أحد المساجد حيث
تعلّمت المزيد عن الإسلام ونطقت بالشهادة. غمرتها سَكينةٌ عجيبةٌ بعد أن اعتنقت
الإسلام، ولم تعد تُبالي بالمرض. صارت أكثر شجاعةً فقد تعلّمت أنه: ﴿لَّن
يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا﴾، وأن صبر المُسلم
على الشدائد والابتلاءات من أعظم أنواع العبادات والقربات، واستمرت في الصلاة
وقراءة القراّن الكريم، والابتهال إلى الله تعالى لعله يرزقها بطفل. بعد بضعة
شهورٍ وقعت المعجزة.. استبد الذهول بالأطباء المعالجين لها؛ لقد أثبت أحدث
التحاليل أنها حامل!! طلبوا منها إجراء تحليلاتٍ أُخرى لعل هناك خطأٌ ما في
التحليل الأول، لكن التحليل الثاني ثم الثالث فالرابع قطعت جميعها بوجود الجنين
داخل رحمها! وهكذا منّ الله على «توني» فولدت طفلاً سمّته «يوسف» جعله الله قرة
عينٍ لها كما أرادت. ثم كانت المُفاجأة الثانية خلال أقل من عامين على إسلامها، وهي
اكتشاف ضمور الخلايا السرطانية بجسدها، واقترابها من الشفاء الكامل! لم يُصدّق
الأطباء ما ترى أعينهم.. سألوها عما إذا كانت قد تعاطت بعض الأدوية بدون علمهم..
ابتسمت والسعادة تُشرق على كل وجهها وكيانها، وقالت لهم: "الدواء من عند
الطبيب الأعظم.. إنه الله تعالى الخالق القادر الرازق.. هو الذي أعطاني الطفل، وهو
أيضاً الذي شفاني بعد أن هداني".
مضى الآن ما يزيد على 15 سنةً على اعتناق «توني» للإسلام، ثم شفائها من
السرطان، بعد أن كان أكثر أطبائها تفاؤلاً يعتقد أنها لن تعيش أكثر من أربع سنوات!
ورغم أن أبويها من الكارهين للإسلام، إلا أنها رفضت الانتقال إلى بلدٍ عربيٍ تلقت
عروضاً للزواج والإقامة فيه -بعد انفصالها عن والد طفلها- وقالت إنها لن تتوقف عن
رعاية والديها الطاعنين في السن، لأن إخوتها وأخواتها غير المسلمين تخلوا عنهما،
وهما بحاجةٍ إليها، وقد أمرها الإسلام العظيم بالبرّ بالوالدين وإن كانا كافرين.
وتُصرّ «توني» على ارتداء الحجاب، مع أنها تعيش بوسط «الولايات المتحدة
الأمريكية»، في منطقةٍ سُكّانها من أشد الطوائف تعصباً وكراهيةً للإسلام
والمُسلمين، ورغم صعوبة الحياة بينهم -خاصةً للمسلمات- إلا أنها شديدة الحرص على
الالتزام الكامل، وتقول: "لن أترك ديني أو حجابي مهما فعلوا بي، فالحجاب
حمايةٌ وتكريمٌ وشرفٌ للمسلمة في الدنيا والآخرة، وسوف أُواصل مُعاملة الجميع بكل
رفقٍ وعطفٍ، وأشرح لمن يُريد منهم كل ما أعلمه من الدين الحنيف؛ فالله تعالى قادرٌ
على أن يهديهم كما هداني إلى الإسلام". وعندما سألها أحد الصحفيين عن رأيها
في تعدد الزوجات بادرت بالقول: "لا نستطيع أن نأخذ شيئاً من القرآن الكريم
ونترك أشياء، الإسلام يجب أن يؤخذ كله، فهو عدلٌ ورحمةٌ وحكمةٌ كله؛ فمن يُلاحظ
الزيادة الهائلة في أعداد النساء في عصرنا سوف يلمس بوضوحٍ حكمة تشريع التعدد
النبيل، وفوائده العظيمة للنساء، مع إلزامه للرجال بالعدل بين الزوجات، وكل الخير
والبركة والسعادة في اتباع ما شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم".
أحبتي في الله.. كانت هذه قصة امرأةٍ تأثرت بما قرأته من آيات القرآن
الكريم مُترجمةً، فانشرح صدرها للإسلام، لِمَ لا وهو الذي وصفه عزَّ وجلَّ بأنه
(يهدي إلى الرُشد)، بل وزاد سُبحانه وتعالى في وصفه فقال عنه: ﴿إِنَّ هَٰذَا
الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾.
وهذا طبيبٌ ألمانيٌ أسلم بتدبر آيتين من القرآن الكريم من سورة الكهف؛ يقول
الطبيب الألماني: كنتُ مُسافراً يوماً وصادفني في المطار شابٌ قدَّم لي نسخةً
مُترجمةً من القرآن الكريم، شكرته ووضعتُ النسخة في جيبي على نية إلقائها في سلة
المهملات بعد أن يتوارى الشاب عني حتى لا أُحرجه! نسيتُ النسخة في جيبي وصعدتُ إلى
الطائرة، وبسبب طول الرحلة والملل الذي يتخللها أخرجتُ نسخة القرآن من جيبي ثم
فتحتها وقلَّبتُ الصفحات فوقعت عيني على سورة «الكهف»، فقرأتُ آياتٍ منها، إلى أن
استوقفتني آيتان؛ وهما قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت
تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ
الشِّمَالِ ...﴾، والآية: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ۚ
وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ۖ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ
ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ...﴾، قلتُ في نفسي: إن تقليب الفتية وهم نائمون مفهومٌ
من أجل أن لا تتقرح أجسامهم إذا بقوا نائمين على وضعيةٍ واحدةٍ، لكن ما أدهشني
قوله سُبحانه إن الشمس تدخل الكهف كل يومٍ لكنها لا تأتي على أجسامهم مُباشرةً؛
فهذا معروفٌ في علم الطب، فحتى لا تحصل تقرحات السرير يجب أن تكون الغرفة مُهواةً
وتدخلها الشمس دون أن تكون مُباشِرةً على الجسم! ثم عدتُ للتفكر في الآية التالية؛
فعلاً حتى لا تحصل التقرحات يجب أن يُقلَب الراقد حتى لا يتقرح الجسم ويتعفن، لكن
الذي أدهشني أكثر أن كلبهم لم يكن يُقلَب مثلهم، وإنما كان باسطاً ذراعيه بالوصيد
على وضعيةٍ واحدةٍ طوال 309 سنة، ولم يتقرح جسمه ولم يتعفن! دفعني هذا الأمر إلى
دراسة فسيولوجية الكلاب، وأدهشني أني وجدتُ أن الكلاب تنفرد بوجود غُددٍ تحت جلدها
تُفرز مادةً تمنع تقرح الجلد ما دام في جسد الكلب حياةٌ ولو لم يتقلب؛ لذلك لم يكن
كلبهم يُقلَب مثلهم في الكهف". وقد أسلم هذا الطبيب بسبب هذا الأمر الإعجازي،
فسُبحان الله العظيم، إن الطبيب الألماني من أول قراءته للسورة استوقفته أمورٌ
إعجازيةٌ لم يمر عليها مرور الكرام كما يفعل غيره.
وهذه امرأةٌ أخرى تأثرت بسماع بعض آياتٍ قرآنيةٍ تُتلى؛ يحكي صاحب القصة
ويقول: كنتُ شاباً عربياً أدرس في إحدى الجامعات الأُسترالية وأعمل سائق سيارة
أُجرة لأُغطي بعض نفقات الدراسة، كان من عادتي أثناء توصيل الرُكاب من المطار أن
أُشَغِّل بعض الأغاني والموسيقى الأجنبية لتلطيف الجو، وفي أحد الأيام ركبت معي
امرأةٌ أجنبيةٌ بدت مُتعبةً واشتكت من صداعٍ شديدٍ؛ عرضتُ عليها سماع بعض الموسيقى
لعلها ترتاح لكنها رفضت وقالت إن الصداع يزداد مع الأصوات، وبينما أبحث عن محطةٍ
هادئةٍ في مذياع السيارة ضغطتُ دون قصدٍ على محطة إذاعة القُرآن الكريم؛ فأسرعتُ
بإغلاقها خجلاً ظناً مني أنها لن تتقبل سماع القرآن لأنها غير مسلمةٍ، لكنها
فاجأتني بطلبها أن أُعيد تشغيله لأنها شعرت براحةٍ غريبةٍ أثناء سماعه، فتركته حتى
نهاية الطريق، وكانت تُنصت في صمتٍ وسكينةٍ. بعد أن أوصلتها إلى الفندق تبادلنا
أرقام هواتفنا للاتصال في حال احتاجت سيارة أُجرة، وغادرت. في اليوم التالي
اشتريتُ لها نسخةً من القرآن الكريم المُترجم، مع شريطٍ مسموعٍ، وأرسلته إليها،
مرّت شهورٌ كدتُ أنسى خلالها ذلك الموقف؛ حتى وصلتني منها رسالةٌ عن طريق الهاتف
تُخبرني فيها أنها دخلت في الإسلام بعد استماعها للقرآن الذي كان سبباً في
هدايتها، حينها أدركتُ أن الله إذا أراد بعبدٍ خيراً هيأ له الأسباب، ولو دون قصدٍ
منه. من يومها وأنا لا أُشغَّل في سيارتي إلا القرآن الكريم طول الوقت؛ فهو (يهدي
إلى الرُشد).
يُعلق ناشر هذه القصة عليها بقوله: رُبَّ آيةٍ تُسمع بلا نيةٍ تفتح قلباً
مُغلقاً؛ فالهداية بيد الله وحده، وما نحن إلا أسبابٌ يسوقها الله لمن يشاء؛ يقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم: [...فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ
رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ].
يقول العُلماء إن للقرآن العظيم أهمِّيةً كُبرى وأثراً عظيماً في انتشار
الدعوة بين الناس قديماً وحديثاً، ويظهر ذلك في كثيرٍ من شهادات الذين اعتنقوا
الإسلام، علماً بأن هذه الشَّهادات عن الإسلام أو القرآن، لا تعدو كونها تأكيداً
لحقائق قائمةٍ وأصولٍ ثابتةٍ في ديننا، كما أن الإسلام عموماً والقرآن خصوصاً ليسا
بحاجةٍ إلى شهادةٍ مِن بَشَرٍ، كائناً مَنْ كان، وأن شهادات هؤلاء الذين أنصفوا
الإسلام، إنَّما نذكر بعضها لنبيِّنَ إنصافهم وحيادهم، لا لنبيِّن جمال الإسلام
وروعته، فهو في غِناءٍ تامٍ عن شهاداتهم.
من هذه الشَّهادات ما قاله المُغني السابق البريطاني المشهور «كات ستيفنز»
سابقاً «يوسف إسلام» حالياً، الذي حاز الشهرة والمال، وجمع متع هذه الحياة الدُنيا
الزائلة، حتى ظنَّ أنه مِنْ أسعد الناس، إلى أن اهتدى بعد أن أهداه شقيقه «ديڤيد»
نسخةً مُترجمةً من القرآن، وعلى الرغم من عدم اعتناق «ديڤيد» الإسلام إلا أنه أحس
بشيءٍ غريبٍ تجاه هذا الكتاب، وتوقع أن يُعجب أخاه وأن يجد فيه ضالته، يقول
«يوسف»: "عندما قرأتُ الكتاب وجدتُ فيه الهداية؛ فقد أخبرني عن حقيقة وجودي،
والهدف من الحياة، وحقيقة خَلقي، ومِن أين أتيتُ، وعندها أيقنتُ أن هذا هو الدين
الحق، وكلما قرأتُ المزيد من القرآن عرفتُ الكثير عن الصلاة والزكاة وحُسن
المعاملة"؛ فكان القرآن سبباً في اعتناقه الإسلام وأصبح من الدُعاة إلى هذا
الدِّين.
وهذا «براون» قرأ القرآن الكريم حتى وصل إلى قوله تعالى: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ
فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ
ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾، وفي هذه الآية
إشارةٌ إلى البحر العميق الذي اكتشفه العلماء حديثاً حينما استطاعوا الغوص في
أعماقٍ كبيرةٍ حيث الظلام التَّام، والظُلمات المُتراكبة في تلك البحار، والبرودة
الشديدة، هنا سأل «براون» أحد عُلماء مُسلمي «الهند»: هل ركب نبيُّكم «مُحمدٌ»
البحر؟ فقال: لا. فقال «براون»: فمن الذي علَّمَه علوم البحار؟ لقد قرأتُ في كتاب
الإسلام آيةً لا يعرف أعماق ما فيها إلا مَنْ أُوتي عِلماً واسعاً في مجال البحار،
ثم قرأ عليه الآية، وقال: فإذا كان «محمدٌ» لم يركب البحر، ولم يتلَقَّ علوم
البحار على أيدي أساتذةٍ مُتخصِّصين، ولم يدرس في جامعةٍ أو معهدٍ بل كان أُمياً،
فَمَنْ الذي علَّمه هذا العِلم النافع؟ إلاَّ أن يكون وحياً صادقاً من خالق
الكائنات، فإني أشهدُ أن لا إله إلاَّ الله وأن مُحمداً رسول الله".
وكانت الآية الكريمة ﴿أَيَحْسَبُ الإِِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ .
بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ سبباً في إسلام عالِمٍ ألمانيٍ،
أدركته رحمة الله تعالى فأسلم، وأعلن إسلامه على ملأٍ من العُلماء، ولمَّا سُئل عن
سبب إسلامه قال: "إن هذه الآية تُشير إلى بصمات الأنامل، وهو كشفٌ لم تعرفه
أوروبا -فضلاً عن العرب- إلاَّ في زماننا هذا؛ إذن هو كلام الله لا كلام
البشر".
ومما قاله أحد المُسلمين الجدد: "بعد تعمُّقي في دراسة الإسلام،
وخاصةً القرآن الكريم، أعلنتُ إسلامي وأشهرته رسمياً، فأنا أعتقد يقيناً أني لو
كنتُ إنساناً وجودياً لا يؤمن بوجود خالقٍ لهذا الكون ولا برسالةٍ من الرسالات
السَّماوية، وجاءني نفرٌ من الناس وحدَّثني بما سبق به القرآنُ العِلمَ الحديثَ في
كل مناحيه: من طبٍّ، وفلكٍ، وجغرافيا، وجيولوجيا، وقانونٍ، واجتماعٍ، وتاريخٍ،
لآمنتُ بربِّ العزَّة والجبروت، خالقِ السَّماوات والأرض، ولن أُشرك به
أحداً".
وهذا آخر حين سُئِلَ عن سبب إسلامه قال: "تتبَّعتُ كُل الآيات
القرآنية التي لها ارتباطٌ بالعلوم الطبية والصحية والطبيعية، والتي درستها من
صِغري وأعلمها جيداً، فوجدتُ هذه الآيات مُنطبقةً كل الانطباق على معارفنا
الحديثة، فأسلمتُ؛ لأنني تيقنتُ أن مُحمداً أتى بالحقِّ الصُّراح قبل ألف سنةٍ،
مِنْ قَبْلِ أن يكون هناك مُعلمٌ من البشر، ولو أن كل صاحب علمٍ من العلوم، قارن
الآيات القرآنية المُرتبطة بما تعلَّم جيداً -كما قارنتُ أنا- لأسلم بلا شكٍ، إنْ
كان عاقلاً خالياً من الأغراض".
ومن الأمثلة التي تدلُّ على أثر القرآن العظيم في نفوس مُستمعيه ما ذكره
هذا القس؛ حيث قال: "سبب إسلامي كان نتيجةً لوجودي في مُحاضرةٍ، عبارة عن
مُجادَلةٍ بين مُسلمٍ ومسيحيٍ، ولقد اقتنعتُ أثناء هذه المحاضرة بسورةِ «مريم»
وسورةٍ أُخرى وبأن الإسلام هو دين الحق".
وهذا مُسلمٌ جديدٌ كان يهودياً قبل أن يُسلم، قال: "حينما شرعتُ في
مُطالعة القرآن الكريم، للمرة الأولى وَلِعْتُ به وَلَعَاً شديداً، وكنتُ أطرب
لتلاوة آياته. لا أظن أن ثَمَّةَ شيئاً يؤثر في المرء الذي أدرك حقيقة الإسلام
بقدر تأثير تلاوة آيات القرآن المجيد على مشاعره، فيغمره الإحساس الفيَّاض باتصاله
الرُّوحاني، وتجتذِبُه مَهَابةُ الإله جلَّ جلالُهُ، فيقرّ بكل خشوعٍ بعجزه وضعفه
أمام كلام ربه العظيم".
وهذه امرأةٌ بريطانيةٌ أتمت دراسة الفلسفة، تتحدث عن تجربتها الذاتية مع
القرآن العظيم، فتقول: "لن أستطيعَ مهما حاولتُ، أن أَصِفَ الأثَرَ الذي تركه
القرآن في قلبي، فلم أَكَدْ أنتهي من قراءة السورة الثالثة من القرآن حتى وجدتني
ساجدةً لخالق هذا الكون، كانت هذه أول صلاةٍ لي في الإسلام".
أما هذا فهو شخصٌ هنديٌ أسلم، ويتحدث عن تجربته مع القرآن العظيم، فيقول:
"تناولتُ نُسخةً من ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية وشرعتُ في
قراءته وتدبر معانيه، لقد استقطب جُلَّ اهتمامي، وكَمْ كانت دهشتي عظيمةً حين
وجدتُ الإجابة المُقنعة عن سؤالي المُحَيِّرِ: ما هو الهدف من الخَلق؟ وجدتُ
الإجابة في الصَّفحات الأُولى من القرآن الكريم؛ الآيات [30-39] من سورة البقرة،
وهي آياتٌ توضِّح الحقيقةَ بِجَلاءٍ لكل دارس مُنصفٍ، وهي تُخبرنا بكل وضوحٍ
وجلاءٍ، وبطريقةٍ مُقنعةٍ قصة الخَلق".
يقول أهل العِلم إن القرآن العظيم أَثَّرَ في بعض الأعاجم الذين لا
يَعْرِفُون العربية تأثيراً كبيراً، مما دفع بعضهم إلى أن يُعلن إسلامه، ويَذكر
الأثر الذي أحدثه القرآن في نفسه، رغم أنهم يجهلون معاني القرآن، ولا يعرفونه إلاّ
من خلال ترجماتٍ لا تنبض بالحياة، فضلاً عن أنها قد تكون غير دقيقة.
أحبتي.. إِنْ كان سِحْرُ أسلوب القرآن يُحْدِثُ مِثلَ هذا التأثير في نفوس
أجانب لا يمتُّون إلى العرب ولا إلى المُسلمين بصلةٍ، فإلى أي مدى يؤثر فينا
القرآن الكريم، ونحن عربٌ ومُسلمون نزلت الآيات بلغتنا الجميلة؟
لنُراجع صلتنا بكتاب الله، ونُجدد العهد بعدم هجرانه، بإلزام أنفسنا بوِردٍ
يوميٍ، كثيرٍ أو قليلٍ، لا نتركه أبداً ولا ليومٍ واحدٍ. أليس من المُخجل ألا ينسى
أحدنا تناول إحدى وجبات طعامه ليُشبع احتياجات جسده، ثم هو يُهمِل ما يُشبع به
احتياجات روحه وقلبه، فتمر عليه أيامٌ وأيامٌ لا يقرأ فيها من كتاب الله ولا حتى
صفحةً واحدةً، رغم عِلمه ويقينه بأنه (يهدي إلى الرُشد)؟
اللهم حبِّب إلينا تلاوة القرآن الكريم، وساعِدنا على تدبر معانيه، وسهِّل
علينا حفظ ما تيسر منه، واجعله اللهم دستوراً لنا في جميع مناحي حياتنا، نُطبق
أحكامه: نلتزم بأوامره، ونبتعد عن نواهيه؛ فتنصلح بذلك أحوالنا، ونُصبح عبيداً لك
ربنا على الوجه الذي يُرضيك عنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق